كل على دينه حرًّا - فإن ذلك ليس إلا بمثابة ستار أراد اليهود أن يضمنوا خلفه العمل بحرية ضد الإسلام والمسلمين، وهذا ما أثبته الأحداث بكل وضوح.
وباستقصاء تصرفات اليهود - طيلة الخمس سنوات - يتضح أنه ما كان يحول بينهم وبين محو المسلمين من الوجود إلا عدم مواتاة الفرص لهم، والتي لو واتتهم (في أية لحظة) لما ترددوا في اغتنامها للقضاء على المسلمين بحد السلاح حتى ولو كان بينهم وبين المسلمين ألف عهد وألف حلف.
ولا أدل على ذلك من فعلة يهود بنى قريظة الشنيعة حيث حاولوا تسديد ضربة ساحقة للمسلمين من الخلف وهم في أحرج موقف حربى يواجهون عدوا جبارًا قد غمرهم وأحاطهم بقواته التي تفوقهم عدة أضعاف كما يحيط البحر الهائج بالجزيرة الصغيرة.
وقد قام يهود بنى قريظة بهذا الخيانة العظمى، وهم في حالة ارتباط مع المسلمين بموجب معاهدة عسكرية وسياسة عقدت بين الفريقين تنص بنودها على أن يكون اليهود - مع المسلمين - جزعًا من الجيش الذي يجب عليه الدفاع عن المدينة فيما إذا تعرضت لمثل الغزو الذي تعرضت له على يد الأحزاب، ولكن الذي حدث هو العكس حيث حاول يهود بنى قريظة ضرب المسلمين من الخلف بدلًا من الوقوف إلى جانبهم في ذلك الظرف الخطير.
فهذا التصرف مع سابقه من تصرفات اليهود طيلة خمس سنوات، يعطى الدليل القاطع على أن اليهود كانوا - منذ اللحظة الأولى - قد بيتوا العزم على إبادة المسلمين وهدم كيان الإسلام بأية وسيلة كانت وفي أي ظرف كان، تواتيهم فيه الفرصة.