للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أدت إلى محاصرة بنى قينقاع وضرورة محاربتهم.

فالذي يعرف أناة النبي - صلى الله عليه وسلم - وصبره وحلمه يجزم أنه لم يضرب الحصار على هؤلاء اليهود إلا بعد أن تأكد لديه نقضهم العهد ومنابذته، يدلنا على ذلك سعيه للاجتماع بهم في سوقهم وتحذيرهم ونصحهم (دون سواهم من اليهود) وأن اليهود إنما اتخذوا من حادثة المرأة المسلمة وما نتج من الاعتداء عليها وسيلة وفرصة لإعلان الحرب على المسلمين. يدلنا على ذلك أنهم سارعوا إلى الاعتصام بحصونهم ورفضوا أية مفاوضة أو تفاهم، وأن ذلك قد حدث منهم نتيجة تخطيط سابق ونية مبيتة لسلوك طريق العدوان الذي سلكته قريش في بدر فنقضوا بذلك العهد.

وقد أشار ابن إسحاق نفسه إلى ذلك بقوله: "إن بنى قينقاع كانوا أول يهود نقضوا ما بينهم وبين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وحاربوا فيما بين بدر وأحد. إلا أنه لم يفصل كيف كان نقضهم العهد.

بل إن القرآن (وهو أصدق من كل حديث)، قد أشار إشارة واضحة إلى أن سبب الحرب بين بنى قينقاع والمسلمين هو أكبر من سبب حادث المرأة الذي ذكر ابن إسحاق، وهو أن اعتداء اليهود وتحرشهم بالمسلمين في المدينة كان على مستوى عدوان وطغيان قريش عندما سعوا لإشعال نار الحرب في بطاح بدر بغيًا وعدوانًا واحتقارًا لشأن المسلمين.

فقد جاء في القرآن الكريم بشأن بنى قينقاع هؤلاء قوله تعالى {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهَادُ (١٢) قَدْ كَانَ لَكُمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>