فالذي نراه (والأمر مجرد اجتهاد واستنتاج) أن حادث سوق بنى قينقاع (مجردًا) يستبعد أن يكون الحافز الوحيد لضرب الحصار على هؤلاء اليهود بل لا بد من أن يكون هناك ملابسات ومضاعفات أخرى أتت من قبل اليهود، اضطر النبي - صلى الله عليه وسلم - معها إلى ضرب الحصار على هؤلاء اليهود لتفادى شرهم ووضع حد لعبثهم واستهتارهم الذي يعرض الأمة اليثربية كلها لأخطار قد يصعب تلافيها.
ولعله من عجيب الاتفاق أننى بعد أن حررت هذه الملاحظة حول سبب إجلاء بنى قينقاع، اطلعت على رأى للمؤلف الإنكليزى المعروف الدكتور (مونتجمرى وات) فقد قال هذا المؤلف في كتابه (محمد نبي ورجل دولة) ص ١٣٠ وما بعدها: "لقد كان طرد قبيلة بنى قينقاع أحد العوامل الهامة التي عملت على تثبيت مركز محمد ودعمه، وسبب هذا الطرد كما ترويه بعض الروايات - نزاع طفيف طرأ بين يهود القينقاع وبعض التجار المسلمين في السوق في المدينة، فبينما كانت إحدى النساء العربيات جالسة عند صائغ ذهب ربط أحد اليهود مجموعة من الشوك بثوبها حتى إذا نهضت انكشف معظم جسمها فضحك المشاهدون.