للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للجوء إلى شن حرب شاملة سافرة، لأنهم أجبن وأحقر من أن يخوضوا مثل هذه الحرب ضد المسلمين في يثرب، ولهذا فقد كان وصول النبي القائد - صلى الله عليه وسلم - إلى ديار هؤلاء اليهود منفردًا في قلة من أصحابه أكبر فرصة تسنح لهؤلاء اليهود المجرمين وتواتيهم لقتل النبي الأعظم - صلى الله عليه وسلم -.

وقد شرعوا فورًا في اغتنام هذه الفرصة في الحال، فعندما فاتحهم النبي - صلى الله عليه وسلم - بشأن دية العامريين لم يترددوا في إعلان الإستجابة إلى طلبه حيث قالوا: "نعم يا أبا القاسم نعينك على ما أجبت مما استعنت بنا عليه" (١).

ولم يكن إعلان هذه الاستجابة من هؤلاء اليهود إلا خدعة أرادوا بها تطمين النبي الأعظم - صلى الله عليه وسلم - ليبقى في ديارهم حتى يتمكنوا من اغتياله بعيدًا عن المدينة، وفعلًا شرعوا لا في جمع المال الذي وعدوا بتقديمه مساهمة في دفع ديتى العامريين، وإنما في تنفيذ المخطط الجهنمى الذي رسموه لاغتيال النبي، - صلى الله عليه وسلم - غير أن الله سبحانه وتعالى فضحهم حيث انكشف أمرهم بعد أن عرف النبي - صلى الله عليه وسلم -. حقيقة ما يدبرون له من مؤامرة الإغتيال الفظيعة، فنجاه الله من شر هذه المؤامرة، إذ تمكن (بمهارة) من مغادرة ديار هؤلاء اليهود قبل أن يتمكنوا من تنفيذ ما أرادوا تنفيذه من مخطط الغدر والخيانة.

فقد ذكر ابن إسحاق أن يهود بنى النضير عقدوا اجتماعًا فيما بينهم بمجرد وصول النبي - صلى الله عليه وسلم - وبحثوا في هذا الاجتماع موضوع اغتيال النبي - صلى الله عليه وسلم - والتخلص منه، مغتنمين فرصة انفراده بعيدًا عن المدينة، وقد


(١) سيرة ابن هشام ج ٢ ص ١٩٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>