وتوفير الأَمن والطمأْنينة لجميع سكان المنطقة على اختلاف عناصرهم ومعتقداتهم وقد وقع اليهود هذه المعاهدة والتزموا تنفيذ نصوصها كما النزم المسلمون.
وقد كان بوسع اليهود أَن يعيشوا سعداء في ظل العهد الإسلامي الجديد، آمنين على عقائدهم وأرواحهم وأَموالهم. وكان هذا خيرًا لهم لو فعلوه.
ولكن طبيعة الدس والتآمر المتآصلة في نفوسهم، والتي صارت جزءًا من كيانهم (طيلة عهودهم). لم تتركهم يفعلون ذلك، بل دفعت بهم إِلى ما أَلفوه من إِثارة القلاقل وخلق المشاكل وبعث الفتن.
لقد تمسك المسلمون بنصوص المعاهدة المعقودة بينهم وبين اليهود، وكان حسن النية والرغبة الأكيدة في التعايش معهم بسلام ظاهرة بجلاء في تصرفات المسلمين.
ولكن التحرش والشغب والإِعنات جاء من جانب اليهود أَنفسهم .. فقد هالهم وأَقضّ مضاجعهم أَن رأَوا سلطان الإسلام ينشر ظله على يثرب في سرعة مذهلة لم يكونوا يتوقعونها.
وزادهم غمًّا وشحن نفوسهم بالحسد للرسول - صلى الله عليه وسلم - أَن تأَكد لديهم أَن محمد بن عبد الله القرشي الوافد إِلى يثرب هو النبي الموعود ذاته كما يجدون ذلك مكتوبًا عندهم في كتبهم .. وبدلًا من أَن يسارعوا إِلى الإِيمان به ويغتبطوا بظهور رسالته، فاضت نفوسهم بالحسد وأَترعت قلوبهم بالبغض له.
فهذان حبران من أَحبارهم قد أَثقل قلوبهما الهم وأَمرض نفوسهما