للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لم يتركوا وسيلة من وسائل الاستفزاز والتحدي إلا واتبعوها لإثارة النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه.

فهي إذن معارك شاقة خاضها النبي - منذ خروجه من المدينة حتى إبرام هذا الصلح - على جبهتين.

في محيط أصحابه خاض معارك طرفاها:

١ - العقل الراجح، والأُفق الواسع، والنظرة البعيدة، والأَناة والحلم والصبر الذي لا يعرف الحدود.

٢ - العاطفة الفوارة العابرة التي لا يفكر المستجيب لها في العواقب محمد - صلى الله عليه وسلم - في جانب العقل والصبر والحلم والأَناة، يصرُّ على التزام جانب التروّي والصبر وعدم الإجابة على استفزاز أهله وعشيرته باستفزاز مثله، ويعمل جاهدًا على نبذ فكرة الحرب والسعي لتحقيق السلام بين المسلمين وقريش.

وعامة الأَصحاب في جانب العاطفة الجياشة يعارضون الصلح أشد المعارضة، ويستعجلون الصدام الدامي مع قريش، مفضلين الاحتكام إلى السيف على طول الانتظار في الحديبية، وعلى القبول بصلح يرون قبول بعض شروطه مذلة للمسلمين ومساسًا بكرامتهم.

وفي محيط أَهله وعشيرته المشركين خاض محمد - صلى الله عليه وسلم - معارك خصماها:

١ - داعي الرغبة في صلة الرحم والحفاظ عليها وإعطاءها حقها من الرعاية، والحرص على هداية الأهل والعشيرة ليخرجوا من ظلام الشرك إلى نور التوحيد. . والعمل على حقن الدماء وصون الأرواح (أيا كانت) من أن تزهق.

<<  <  ج: ص:  >  >>