اليهود (طيلة وجودهم في جزيرة العرب) وإنما من طبيعتهم (كما وصفهم القرآن الكريم) القتال خلف جُدُرِ الحصون والقلاع والمستعمرات المحصنة (١).
وإِنما يتمثل هذا الخطر اليهودي (في الدرجة الأُولى) في أَن تعاود اليهود طبيعتهم في التحريض على المسلمين والسعي لحشد حشود جديدة هائلة من الأَعراب ليقوموا بحرب خاطفة شاملة ضد المسلمين لحساب هؤلاءِ اليهود تحت تأْثير الإِغراءِ بالعطايا الجزيلة والرشاوى الكبيرة.
ولهذا كان لا بد للمسلمين من القيام بعمل حاسم يتسم بالترويع والتخويف .. يكون فيه درس رادع لليهود وإنذار عملي بأَن هؤلاءِ اليهود (وخاصة زعماءُهم وكبار مجرميهم) لن يكونوا بمنأى عن تأْديب المسلمين وإنزالهم العقاب الصارم بهم جزاءَ تآمرهم حتى ولو كانوا في بروج مشيَّدة وحصون محصَّنة.
ولم يكن هذا العمل الجريء المتسم بطابع المغامرة إِلا قتل ملك اليهود وكبيرهم في قصره وعلى فراش نومه.
لأن ذلك يُعطي اليهود فكرة مجسَّدة عن قدرة المسلمين على المغامرة وعدم مبالاتهم بالموت في سبيل الله.
وفي ذلك إذا ما نجح (دونما شك) تمزيق لأَعصاب اليهود وجعْلهم يتصورون أَن المسلمين معهم أَينما كانوا وأَنهہم قادرون على قتلهم متى شاءُوا .. الأَمر الذي ينسخ من أَذهانهم فكرة السعي مرة أخرى لغزو
(١) جاء في القرآن الكريم إشارة إلى واقع هؤلاء اليهود: {لَا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إلا فِي قُرًى مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُرٍ} الحشر: ١٤.