للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المعاهدة هو من أحكم وأَقوم ما يمكن أن يُقدم عليه قائد مسؤول عن الأُمَّة، يقدِّر النتائج ويحسب حسابها قبل الإقدام على العمل.

كما أن الباحثين وفلاسفة التاريخ اعتبروا صلح الحديبية نصرًا عظيمًا أَحرزه النبي - صلى الله عليه وسلم - للإسلام والمسلمين.

بل إن الناظر بتفهّم وإمعان في قضية الحديبية والصلح التاريخي الذي كان خاتمة المطاف فيها، يجد أَنه قد نتج عن هذه القضية مكاسب عقائدية وسياسية وأدبية وإعلامية عادت بالنفع العظيم على الإسلام ودعوة الإسلام. . ويمكننا الإشارة إلى بعض هذه المكاسب:

١ - اعتراف قريش بكيان المسلمين:

لقد كانت قريش - منذ ظهور دعوة الإسلام في مكة ومنذ خمس عشرة سنة وحتى يوم صلح الحديبية - تعتبر النبي وأصحابه المسلمين شرذمة لا كيان لها. . لا تنظر إليهم إلا كما تنظر إلى الصعاليك من قطَّاع الطرق والخارجين على القانون الذين يجب إخضاعهم لسلطانها وإعادتهم إلى حظيرة طاعة كهنوتها الوثني أو التخلُّص منهم بأَية وسيلة الوسائل. . وما كانت قريش تفكّر أَنها في يوم من الأيام ستقعد معهم على مائدة واحدة لتفاوضهم الند للندّ وتعترف بهم في معاهدة مسجلة كأُمّة لها كيانها بل كدولة لها هيبتها ونفوذها، الأَمر الذي ترفض قريش الاعتراف (رسميًّا) بشيء منه كل الرفض حتى جاء يوم الحديبية فاعترفت فيه للمسلمين بكل ذلك ووقَّع مندوبهہاعلى وثيقة تاريخية دولية؛ تتضمن هذا الاعتراف.

<<  <  ج: ص:  >  >>