للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الخاطئة المعتمة وتحل محلها صورة مشرقة مضيئة لهؤلاء المسلمين، ترتسم في ذهنه من واقعهم المشرِّف الذي منه يتبين له أَنهم ليسوا -كما تصوَّرهم قريش - طلَّاب شر وإِنما هم دُعاة خير ليس من باعث لمجيئهم سوى تعظيم حرمات الله وزيارة بيته الحرام.

فيعود هؤلاء الوسطاءُ وهم يلقون بكل اللوّم على قريش ويحمِّلونها وحدها مسؤولية تعقيد الموقف وما قد ينتج عنه من صدام دام، وذلك بعد أَن يلمس هؤلاء الوسطاءِ بأَنفسهم شرف المقصد وحُسن النية الصادقة بين المسلمين؛ كما حدث من الوسيط الثاني عروة بن مسعود الثقفي والوسيط الثالث الحُليس بن زبّان.

وهذه كلها مكاسب أَدبية وسياسية حصل عليها المسلمون نتيجة تصرّفات نبيّهم الحكيمة إِزاءَ استفزازات قريش وتحدياتها الجاهلية. وهي مكاسب إعلامية عظيمة، ما كان المسلمون يحصلون عليها لولا التزام نبيّهم العظيم سياسة الحلم وضبط النفس في هذه القضية المعقدة.

٣ - انشقاق معسكر الشرك:

ومن المكاسب التي صاحبت صلح الحديبية الانشقاق الخطير الذي حدث داخل معسكر الشرك بين قريش وحلفائها الذين لامها قادتهم من الوسطاءِ على عنادها ومكابرتها عندما وجهوا إِليها اللوم وأَسدوا إِليها النصح بأَن لا تحول بين المسلمين وبين مباشرة حقهم الطبيعي في الطواف بالبيت بعد أَن نقلوا إِلى مسامع زعمائها أَن المسلمين ليسوا مخطئين في إِصرارهم على دخول مكة لأَداءِ مناسك العمرة كغيرهم من فئات العرب الأُخرى.

<<  <  ج: ص:  >  >>