للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال وبرز كل واحد منهما إلى صاحبه، قال: فحالت بينهما عشرات (١) أصلها كمثل أصل الفحل من النخل وأفنان منكسرة، فكلما ضرب أحدهما صاحبه استتر بالعشر حتى قطع كل ساق لها، وبقى أصلها قائمًا، كأنه الرجل القائم وأفضى كل واحد منهما إلى صاحبه، وبدر مرحب محمدًا، فيرفع السيف ليضربه، فاتقاه محمد بالدرقة، فلحج (٢) سيفه، وعلى مرحب درع مشمَّرة فيضرب محمد ساقى مرحب فقطعها، ويقال لما اتقى محمد بالدرقة وشمَّرت الدرع عن ساقى مرحب حين رفع يديه بالسيف، فطأطأ محمد بالسيف فقطع رجليه ووقع مرحب، فقال مرحب: اجهز عليَّ يا محمد! قال محمد: ذق الموت كما ذاقه أخي محمود، وجاوزه ومر به عليّ فضرب عنقه وأخذ سلبه، فاختصما إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال محمد بن مسلمة: يا رسول الله والله ما قطعت رجليه ثم تركته إلا ليذوق الموت، كما ذاقه أخي، مكث ثلاثًا يموت، وما منعنى من الإِجهاز عليه شيء، قد كنت قادرًا بعد أن قطعت رجليه أن أُجهز عليه، فقال عليّ: صدق، ضربت عنقه بعد أن قطع رجليه، فأعطى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - محمد بن مسلمة سيفه ودرعه ومغفره وبيضته، فكان عند آل محمد بن مسلمة سيفه فيه كتاب، لا يدرى ما هو حتى قرأه يهودى من يهود تيماء فيه:

هذا سيف مرحبْ ... مَنْ يذُقْهُ يُعطَبْ

وحدثني محمد بن الفضل، عن أبيه عن جابر، وحدثني زكريا بن زيد، عن أبي سفيان، عن أبيه، عن سلمة بن سلامة ومجمّع بن يعقوب، عن أبيه، عن مجمّع بن حارثة، قالوا جميعًا: محمد بن مسلمة قتل مرحبًا.

قالوا وبرز أُسَير، وكان رجلًا إيّدًا، وكان إلى القِصَر، فجعل يصيح من يبارز، فبرز له محمد بن مسلمة فاختلفا ضربات، ثم قتله محمد بن مسلمة، ثم برز ياسر، وكان من أشدّائهم، وكانت معه حربة يحوش (٣)


(١) العشرات: جمع عشر، وهو شجر يسيل منه -عند كسره رطيبًا- سائل أبيض لزج كالصمغ.
(٢) لحج السيف إذا نشب، فلا يخرج.
(٣) يحوشهم: أي يسوقهم (كذا في الصحاح).

<<  <  ج: ص:  >  >>