للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شهادة) وذلك عندما تردد بعض الصحابة (بمدينة معان) في مصادمة الرومان عندما بلغهم العدد الهائل الذين هم فيه.

إذن فالعامل الرئيسى في الانتصارات الرائعة التي حققها المسلمون في معركة (مؤتة التاريخية الخالدة إنما هو العقيدة الإِسلامية الراسخة التي أبطلت فعاليتها العظيمة عامل التفوق المادى والعلمى الساحق لدى الجيش الروماني وجعلت هذا التفوق (في ميزان النتائج) يبدو وكأنه صفر من اليسار في علم الحساب.

وعامل العقيدة الإِسلامية الصادقة وتغلغلها ورسوخها في نفس المحارب المسلم لم يكن في معركة (مؤتة) وحدها العامل الرئيسى الأوّل في إبطال عامل التفوق المادى الساحق الذي يواجهه المحارب المسلم في العهود التي كانت عزة الإِسلام فيها هي السائدة الغالبة المنتصرة.

بل لقد كان المحاربون المسلمون دائمًا في تلك العهود يتفوق عليهم أعداؤهم في العدد والعدة وكل مستلزمات النصر المادية والفنية. ولكن النصر الساحق دائمًا يكون للمسلمين على أعدائهم في كل تلك المعارك.

هذه حقيقة واقعة ناصعة شهدتها (معارك بدر وأحد والأحزاب وخيبر وحنين. واليمامة وبزاخة (١) واليرموك والقادسية ونهاوند (٢) وجبل الطارق وزلاقة (٣)


(١) بزاخة (بضم أوله وفتح ثانيه) ماء لبنى أسد بن خزيمة بنجد دارت فيه معركة فاصلة بين جيوش الخلافة بقيادة خالد بن الوليد وبين قوات المرتدين بقيادة طليحة بن خويلد الأسدي.
(٢) نهاوند (بفتح أوله وثانيه وسكون ثالثه) مدينة عظيمة في فارس فتحها النعمان بن مقرن المزني. ثمَّ استشهد في معركة فتحها. ومعركتها حاسمة تشبه معركة القادسية. واستشهد فيها أيضًا عمرو بن معدى كرب الزبيدي وطليحة بن خويلد الأسدي وكلا الرجلين ارتدا عن الإِسلام ثمَّ تاب وجاهد في سبيل الله حتى استشهد.
(٣) زلاقة (بفتح الزاى وتشديد اللام) موضع في شمال الأندلس قرب الحدود الفرنسية. دارت فيها معركة طاحنة بين أمير المسلمين يوسف بن تاشفين البربرى حاكم مراكش وعرب الأندلس من جهة وبين الملك الأذفونش من جهة أخرى. وقد انتصر فيها المسلمون بعد قتال مريع وبعد أن انهزمت بعض طلائعهم أمام النصارى وقد جرح في هذه المعركة الملك الأذفونش. ثمَّ مات - بعد ذلك - متأثرًا بجراحه.

<<  <  ج: ص:  >  >>