فكانوا يقسمون لحوم هداياهم فيمن حضرها وكان عندها. فلغبغب، يقول نهيكة الفزاري العامر بن الطفيل:
يا عام لو قدرت عليك رماحنا ... والرقصات إلى منى فالغبغب
لتقيت بالجعّاء طعنة فاتك ... مُران أو لثويت غير محسب
وله يقول قيس بن منقذ بن عبيد بن ضاطر بن حبشية بن سلول الخزاعي (ولدته امرأة من بني حداد من كنانة) وهو قيس بن الحدادية الخزاعي:
تلينا ببيت الله أول حلفة ... وإلا فأنصاب يسُرنَ بغبغب
وكانت قريش تخصها بالإِعظام .. فلذلك يقول زيدين بن عمر بن نفيل. وكان قد تأله في الجاهلية وترك عبادتها وعبادة غيرها من الأصنام:
تركت اللات والمعزى جميعًا ... كذلك يفعل الجلدُ الصبور
فلا العزى أدين ولا ابنتيها ... ولا صنمى بني غنم أزور ..
ولا هُبلًا أزور وكان ربًا ... لنا في الدهر إذ حلمى صغير
وكان سدنةُ العزّى بنو شيبان بن جابر بن مرة بن عبس رفاعة بن الحارث بن عتبة بن سليم بن منصور من بني سليم، وكان آخر بن سدنها منهم دبية بن حرمى السلمي، وله يقول أبو خراش الهذلى - وكان قدم عليه فحذاه نعلين جيدتين فقال:
حذانى بعدما خذمت نعالى ... دبيّة إنه نعم الخليل
مقابلتين من صلوى مشبّ ... من الثيران وصلهما جميل
فنعم معرِّس الأضياف ... تذحى رحالهم شآمية بليل
يقاتل جوعهم بمكللات ... من الفرنى يرعبها الجميل
فلم تزل العزى كذلك حتى بعث الله نبيه - صلى الله عليه وسلم - فعابها وغيرها من الأصنام، ونهاهم عن عبادتها ونزل القرآن فيها.
فاشتد ذلك على قريش، ومرض أبو أحيحة (وهو سعيد بن العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف) مرضه الذي مات فيه، فدخل عليه أبو لهب يعوده، فوجده يبكى. فقال: ما يبكيك يا أبا أحيحة؟ أمن الموت تبكى ولابد منه؟ قال: لا. ولكنى أخاف ألا تعبد العزى بعدى. قال أبو لهب: والله ما عبدت في حياتك لأجلك، ولا تترك عبادتها بعدك لموتك فقال أبو