للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في كل معركة خاضوها تحت قيادة الرسول - صلى الله عليه وسلم -.

وإذا كانت لهوازن عقيدة، فإن هذه العقيدة (وهي عقيدة وثنية) هي في حكم المعدوم، لأنها عقيدة ضحلة مهزوزة غير واضحة ولا راسخة، وليس من معطياتها الاعتقاد بأن المقتول في سبيلها سيفوز بالجنة، فليس في جيش هوازن جندى واحد يعتقد أنه إن قتل دفاعًا عن اللات والعزّى أو أي صنم آخر، سيكون مأواه الجنة.

إذن فهوازن يمكن القول: إنهم خاضوا المعركة بدون عقيدة، ولهذا فإن قائدهم مالك بن عوف -لعلمه بهذه الحقيقة كوثنى- لجأ إلى جعل الدفاع عن النساء والأطفال والأموال يحل محل الدفاع عن العقيدة الصحيحة الراسخة كالتي لدى المسلمين والتي يفقدها الهوازنيون، فأمر جميع الجند باصطحاب أهلهم وأموالهم إلى الميدان كى يستميتوا في الدفاع عنهم، حينما لم يكن لديهم غيرهم ما يجبرهم على الاستماتة في الدفاع عنه، ولكن هذه الخطة لم تجد شيئًا، فقد انهزمت هوازن هزيمة كاملة شاملة تاركة الأهل والأموال وراءها .. والسبب غياب العقيدة الصحيحة الراسخة التي لا يقوم مقامها شيء في مد الجندى بالروح المعنوية اللازمة للصمود حتى الموت.

ب- القبلية الضيقة والمطامع:

أثناء تحليل الدوافع لخوض القبائل الوثنية (مثل هوازن) للمعارك مع أي كان، يتضح للباحث أن العنصرية الضيقة المتمثلة في الدفاع عن القبيلة فقط، وكذا الرغبة في السلب والنهب هما الباعثان الرئيسيان للجندى الوثنى العربي على القتال، وهذان الباعثان (في نظر الخبير العسكري) غير كافيين لمد الجندى بالثبات والصمود حتى الموت.

فالعنصرية رغم أنها قد تكون عامل تجميع وحشد، فإنها لدى المحارب ليست عامل ثبات وصمود حتى الموت، فهو سيقاتل إلى جانب من هو من قبيلته دونما شك، وقد يصمد بشجاعة ويضحى، ولكن ليس إلى الحد الذي يجعله يُقبِلُ على الموت راضيًا كى يحيا الآخرون (ولا عبرة بالنادر الشاذ) فهو سيقاتل بشراسة وشجاعة ما دام أن هناك أملًا في الانتصار، ولكن عندما

<<  <  ج: ص:  >  >>