كثيرون) فغدا به إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين صلى الصبح، فصلّى مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم أشار له إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: هذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقم إليه فاستأمنه. فذكر لي أنه قام إلي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، حتى جلس إليه، فوضع يده في يده، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يعرفه، فقال: يا رسول الله إن كعب بن زهير قد جاء ليستأمن منك تائبًا مسلمًا، فهل أنت قابل منه إن أنا جئتك به؟ قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: نعم، قال: أنا يا رسول الله كعب بن زهير.
قال ابن إسحاق فحدثني عاصم بن عمر بن قتادة: أنه وثب عليه رجل من الأنصار، فقال: يا رسول الله دعنى أضرب عنقه، وكان كعب كما قلنا من أشد ألسنة الاعلام الوثنية تنفيرًا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعن الإِسلام، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: دعه عنك، فإنه قد جاء تائبًا نازعًا عما كان عليه. قال: فغضب كعب على هذا الحى من الأنصار لما صنع به صاحبهم، وذلك أنه لم يتكلم فيه رجل من المهاجرين إلا بخير، فقال في قصيدته التي قال حين قدم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
أرجو وآمل أن تدنو مودتها ... وما إخال لدينا منك تنويل
أمست سعاد بأرض لا يبلغها ... إلا العتاق النجيبات المراسيل
ولن يبلغها إلّا عذافرة ... لها على الأين أرقال وتبغيل
من كل نضاخة الذفرى إذا عرقت ... عرضتها طامس الأعلام مجهول
ترمى النجاد بعينى مفرد لهق ... إذا توقدت الحزان والميل
ضخم مقلدها فعم مقيدها ... في خلقها عن بنات الفحل تفصيل
غلباء وجناء علجوم مذكرة ... في دفّها سعة قدامها ميل
وجلدها من أطوم يؤيسه ... طلح بضاحية المتنين مهزول
حرف أبوها أخوها من مهجنة ... وعمها خالها قوداء شمليل
يمشى القزاد عليها ثم يزلقه ... منه لبان وأقراب زهاليل
عيرانة قذفت بالنحض عن عرض ... مرفقها عن بنات الزور مفتول
كأنما فات عينها ومنبها ... من خطمها ومن اللحيين برطيل
تمر مثل عسيب النحل ذا خصل ... في غارز لم تخونه الأحاليل