النصر الذي به يعود مرفوع الرأس موفور الكرامة وقد ساهم في نشر العقيدة التي في سبيل نشرها استطاب الموت واستعذب موارده.
وهذا دونما شك من أهم بواعث الروح المعنوية التي يعتبرها العسكريون (في كل زمان ومكان) من أهم العناصر التي يجب أن تتوفر في كل جيش لضمان النصر في أية معركة يخوضها.
فالعقيدة الصادقة هي مصدر الزخم والقوة لكل أُمة دخلت التاريخ من باب المجد واستوت في قمة الزمان على عرش السؤدد المقامة دعائمه على المحبة والعدل والنزاهة، وهذا هو الذي سجله التاريخ العرب (قبل غيرهم) عندما ساروا في حربهم وسلمهم على هدي العقيدة الصحيحة والمبدإ الثابت السليم الذي جاء به الإسلام.
أما المشركون فليسوا كالمسلمين - يدافعون عن عقيدة صحيحة أو يقاتلون في سبيل مبدإ سليم - وإنما يقاتلون بطرًا ورياء وسمعة وسفها (١) فحسب.
وهذا لا يمكن البتة، أن يكون باعثًا لشيء من الروح المعنوية الحقة التي هـہي العنصر الضروري الذي يجب توفره للحصول على النصر في أية معركة حربية.
فالروح المعنوية - التي معدنها الفياض العقيدة الصالحة - إذا انعدمت في جيش فإن أمل قادته في النصر على أعدائهم، الزاحفين
(١) ولا أدل على ذلك من خطاب أبي جهل الذي ألقاه في رابغ - عندما حاول العقلاء العودة بالجيش إلى مكة بعد نجاة العير - والذي قال فيه، والله لا نرجع حتى نرد بدرًا فتقيم عليها ثلاثًا. فننحر الجزور ونطعم الطعام ونسقي الخمر وتعزف علينا القيان وتسمع بنا العرب وبمسيرنا فلا يزالون يهابوننا أبدًا، فامضوا.