للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإبلهم وسكنت نفوسهم، وكان بإمكان عناصر النفاق في الجيش النظر في هذه المعجزة ليعتبروا بها كدليل من الأدلة على صدق نبوة محمد - صلى الله عليه وسلم -، ولكنهم تمادوا في كفرهم وعنادهم، وقالوا: إنما حدث ذلك صدفة.

فقد روى عن أبي سعيد الخدري أنه قال: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - -وهو في طريقه إلى تبوك- أصبح ذات يوم ولا ماء مع الجيش، فشكوا ذلك إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - على غير ماء "أي الرسول وجيشه لم يكونوا بذات أرض بها آبار أو منابع للمياه" قال عبد الله بن أبي حدرد (١): فرأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - استقبل القبلة فدعا -ولا والله ما أرى في السماء سحاب- فما برح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يدعو حتى أنى لأنظر إلى السحاب يأتلف من كل ناحية، فما رام مقامه حتى سحت علينا السماء بالرواء، فكأنى أسمع تكبير رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في المطر، ثم كشف الله السماء عنا من ساعتها وإن الأرض إلا غدر تناخس (٢) فسقى الناس وارتووا عن آخرهم، واحتملوا ما يحتاجون إليه، وأسمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: أشهد أنى رسول الله.

وروى عن الفاروق عمر بن الخطاب أنه قال: خرجنا في حر شديد فنزلنا منزلًا أصابنا فيه عطش حتى إن الرجل لينحر بعيرة فيعصر فرثه فيشربه ويجعل ما بقى على كبده، فشكوا ذلك إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقال أبو بكر الصديق: يا رسول الله قد عودك الله من الدعاء خيرًا، فادع الله لنا. قال: أتحب ذلك؟ قال: نعم، فدعا فرفع يديه فلم يرجعهما حتى أرسل الله سحابة فمطرت حتى ارتوى الناس.

قال عبد الله بن أبي حدرد: قلت لرجل من المنافقين: ويحك أبعد هذا شيء؟ فقال: سحابة مارة، وهو أوس بن قيظى (٣).


(١) انظر ترجمته في كتابنا (غزة خيبر).
(٢) مغازي الواقدي ج ٣ ص ١٠٠٩.
(٣) السيرة الحلبية ج ٢ ص ٢٥٨ ومغازي الواقدي ج ٢ ص ١٠٠٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>