وقال ابن كثير في كتابه (البداية والنهاية): قال ابن لهيعة عن أبي الأسود عن عروة بن الزبير قال: لما قفل رسول الله صلى الله عليه وسلم من تبوك إلى المدينة، هَمَّ جماعة من المنافقين بالفتك بالنبي صلى الله عليه وسلم وأن يطرحوه من رأس عقبة في الطريق فأخبر خبرهم، فأمر الناس بالمسير من الوادي وصعد هو العقبة وسلكها، ومعه أولئك النفر قد تلثموا، وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم عمار بن ياسر وحذيفة بن اليمان أن يمشيا معه، عمار آخذ بزمام الناقة، وحذيفة يسوقها، فبينما هم يسيرون إذ سمعوا بالقوم قد غشيوهم، فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبصر حذيفة غضبه فرجع إليهم ومعه محجن فاستقبل وجوه رواحلهم بمحجنه، فلما رأوا حذيفة ظنوا أنه قد أظهر على ما أضمروه من الأمر العظيم فأسرعوا حتى خالطوا الناس، وأقبل حذيفة حتى أدرك رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمرهما فأسرعا حتى قطعوا العقبة ووقفوا ينتظرون الناس، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لحذيفة: هل عرفت هؤلاء القوم؟ قال: ما عرفت إلا رواحلهم في ظلمة الليل حين غشيتهم، ثم قال صلى الله عليه وسلم: علمتما من شأن هؤلاء الركب؟ قالا: لا فأخبرهما بما كانوا تمالئوا عليه وسماهم لهما واستكتهما ذلك، فقالا: يا رسول الله أفلا تأمر بقتلهم؟ فقال: أكره أن يتحدث الناس أن محمدًا يقتل أصحابه.
وقد ذكر ابن إسحاق هذه القصة إلا أنه ذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما أعلم بأسمائهم حذيفة بن اليمان وحده، وهذا هو الأشبه والله أعلم، ويشهد له قول أبي الدرداء لعلقمة صاحب ابن مسعود: أليس فيكم - يعني أهل الكوفة - صاحب السواد والوساد - يعني ابن مسعود - أليس فيكم صاحب السر الذي لا يعلمه غيره - يعني حذيفة - أليس فيكم الذي أجاره الله من الشيطان على لسان محمد؟ - يعني عمارا - وروينا عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب أنه قال لحذيقة: أقسمت عليك بالله أنا منهم؟ قال: لا. ولا أبرئ بعدك أحدًا- يعني حتى لا يكون مغشيًا سرّ التي صلى الله عليه وسلم -.
وقال ابن كثير: قلت: وقد كانوا أربعة عشر رجلا وقيل كانوا اثنى