للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إياه بالنار، حيث قال لهما: انطلقا إلى هذا المسجد الظالم أهله فاهدماه ثم حرقاه، فخرجا سريعين على أقدامهما حتى أتيا مسجد بني سالم. فقال مالك بن الدخشم لعاصم بن عدي: أنظرني حين أخرج إليك بنار من أهلي. فدخل إلى أهله فأخذ سعفا من النخل فأشعل فيه النار. ثم خرجا سريعين يعدوان حتى انتهيا إليه بين المغرب والعشاء وهم "أي المنافقون" فيه، وإمامهم يومئذ مجمع بن جارية (١)، فقال عاصم: ما أنسى تشرفهم إلينا كأن آذانهم آذان السرحان، فأحرقناه حتى احترق، وكان الذي ثبت فيه زيد بن جارية بن عامر حتى احترقت إليته، فهدمناه حتى وضعناه بالأرض وتفرقوا.

فلما قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة عرض على عاصم بن عدي المسجد يتخذه دارًا - وكان من دار وديعة بن ثابت ودار أبي عامر "الراهب" إلى جنبهما فأحرقوهما معه - فقال عاصم: ما كنت لأتخذ مسجدا قد نزل فيه ما نزل دارًا، وأن بي عنه لغنى يا رسول الله، ولكن أعطه ثابت بن أقرم (٢) فإنه لا منزل له. فأعطاه ثابتًا.

وكان أبو لبابة بن عبد المنذر (٣) قد أعانهم فيه بخشب، وكان غير مغموص عليه في النفاق ولكنه كان يفعل أمورًا تكره له. فلما هدم المسجد أخذ أبو لبابة خشبه ذلك فبنى به منزلًا، وكان بيته الذي بناه إلى جنبه. قال: فلم يولد له في ذلك البيت مولود قط، ولم يقف فيه حمام قط، ولم تحضن فيه دجاجة قط.

وكان الذين بنوا مسجد الضرار اثنا عشر رجلا، وقال الواقدي: خمسة عشر رجلا ولكن الواقدي لم يذكر سوى اسم اثنى عشر وهم: جارية بن عامر "وهو الملقب بحمار الدار" وابنه مجمع "ولم يكن منافقًا" وهو


(١) مجمع بن جارية هذا من الأوس وكان أبوه جارية بن عامر من المنافقين الذين اتخذوا مسجد الضرار، ولكن مجمعًا كان شابًّا صالحًا وكان يصلى بالمنافقين ولكنه لا يعلم خبث نواياهم وسوء طوياهم. وقد جعله عمر بن الخطاب يصلى بقومه، وقد جمع القرآن إلا سورة أو سورة. انظر ترجمته مفصلة في "أسد الغابة".
(٢) انظر ترجمته في كتابنا (غزوة مؤتة).
(٣) انظر ترجمة أبي لبابة في كتابنا (غزوة بني قريظة).

<<  <  ج: ص:  >  >>