عرب مسلمون، فهو انتصار عقيدة لا مراء: عقيدة غرست في نفوسهم حب الضبط والنظام، وحبّبت إليهم الاستشهاد في سبيل الحق، وجعلتهم يرون هذا الاستشهاد نصرًا دونه كل ناصر، كما بعثت فيهم الاعتزاز بالنفس والشعور بأن عليهم (رسالة) واجبة الأداء للعالم.
هذه العقيدة التي ملأَت قلوبهم في مبدإ سيرهم ونهايته وصحبتهم من (بدر) في الحجاز إلى (بلاط الشهداء) في فرنسا، وخالفتهم مشرّقين ومغرّبين وهازمين ومهزومين، وجعلتهم يثقون بوعد الله لهم في فتح الأرض والسيطرة عليها بالحق والعدل.
لقد تقبل العرب الإسلام بما فيه من تكاليف البذل والجهاد والتضحية والفداء، لذلك سادوا العالم ودوّخوا الدنيا، فلما أصبحوا يتقبلون الإسلام بدون تكاليفه خسروا كل شيء وأصبحوا أذلاء مستبعدين حتى في ديارهم، فما أحرانا أن نتفهم الإسلام ونتفهم حياة النبي الكريم - صلى الله عليه وسلم - التي هي التطبيق العملي للإِسلام كما تفهَّم ذلك الصحابة والسلف الصالح لنستعيد مكانتنا التي كانت للصحابة والسلف الصالح من قبل؟ .
- ٤ -
وما دمنا بصدد غزوة (أُحد) موضوع هذا الكتاب فما الذي نقتبسه من دروس وعبر. حكامًا ومحكومين. قادة وجنودًا, من جهاد النبي - صلى الله عليه وسلم - وجهوده وجهاد أصحابه وجهودهم رضوان الله عليهم في هذه الغزوة بالذات.
كان هدف المشركين في غزوة (أحد) هو أخذ ثاراتهم من المسلمين،