لقد كانت معركة أُحُد (بحق) سلسلة من الامتحانات القاسية، سبّبتها مفاجآت مثيرة وتحوّلات ومباغتات مذهلة غير منتظرة، امتحن الله بها صفوة هذه الأمة في مختبر المصائب والنكبات، فابتلاها بأنواع من القتل والجرح والاندحار، ليختبرها (وهو الأَعلم بها):
ولقد ظهرت في معركة أُحُد أنواع من البطولات الإسلامية وضروب من التضحية والبذل والفداء. لم تشهد الدنيا لما مثيلًا، كما سيرى القاريء تفاصيل ذلك في هذا الكتاب.
وإنها لدروس في الصدق والإيمان بالله والوفاء بالعهد والإخلاص للعقيدة والتضحية في سبيل المبدإ، سجلها (في هذه المعركة) أولئك الأجداد البررة، دروس جديرة بأن يعيها الأحفاد ويترسموا خطاها ويهتدوا بهديها، إذا ما كانوا راغبين (حقًّا) في تحقيق الخير لهذه الأُمة وتوفير الأمن والرخاء والسعادة والعزة والاستقرار لها.
إن التاريخ (دائمًا) مرآة تنعكس فيها حقيقة كل أمة ويظهر فيها واقع كل جيل.
وكل أُمة واعية لها ماض مجيد، فإن رجال الحكم المخلصين فيها، وقادة الفكر وأساطين العلم الأُمناء، يحرصون دائمًا على نشر هذا الماضي وتجسيده تجسيدًا كاملًا، أمام أجيالها، فيعملون على تغذية عقول الشباب (وخاصة المثقف منهم والعسكريين) بأخبار ذلك الماضي المجيد في كل وجبة من وجبات غذائهھم الفكري والثقافي لتواكبهھم صور ذلك