للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد أشار القرآن أيضًا إلى طائفة من المؤمنين من عسكر أُحدُ كانوا

ضعفاء فلم يكونوا على مستوى الآخرين من حيث قوة الإيمان وثبات

الجنان، فقال تعالى في حقهم: {وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ هَلْ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ مَا لَا يُبْدُونَ لَكَ يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا هَاهُنَا قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ} (١).

وجمهرة المفسرين على أن هذه الآية تعنى جماعة من المنافقين كانوا قاتلوا مع عسكر الإسلام في أُحدُ ولكن الأستاذ الإمام محمد عبده ذهب في تفسيره إلى خلاف هذا الرأي، فقد ذكر عنه الأستاذ محمد رشيد رضا أنه قال:

لا حاجة إلى جعل هؤلاء في عداد المنافقين (٢)، لأن هؤلاء المنافقين لم يشهد منهم أحد معركة أحد، لأنهم جميعًا قد انخذلوا ورجعوا إلى المدينة مع رئيسهم عبد الله بن أبي بن سلول، والجيش لا يزال في منتصف الطريق إلى أحد، ويؤيد الأستاذ الإمام رأيه هذا بكون الخطاب كله في هذه الآيات موجهًا إلى المؤمنين، وأن الكلام عن المنافقين إنما جاء في آيات أخرى.


(١) آل عمران: ١٥٤.
(٢) مما يجعلنا نجنح إلى رأي الأستاذ الإمام أن الذي قال {لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا هَاهُنَا} هو أحد السابقين في الإسلام ومن الذين شهدوا بيعة العقبة وناصروا رسول الله وآزروه، وهو (معتب بن قشير الأنصاري) وكان ممن شهد بدرًا وقد غفر الله تعالى لأهل بدر ما تقدم من ذنبهم وما تأخر (كما ثبت في الحديث الصحيح).

<<  <  ج: ص:  >  >>