للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢ - المباغتة

مما لا نزاع فيه (بين خبراء الحرب) أن المباغته لها رد فعل خطير في نفوس من تحدث ضدهم، فالمباغتة من أخطر أساليب الحرب التي تتبع (حتى هذا اليوم) لقلب موازين القوى وإحداث التحولات السريعة المفاجئة في سير المعارك.

وكم كسب كثير من القادة الجولة الأخيرة، بسبب قيامهم بمباغتات (ضد خصومهم) أثناء المعارك من كمين أو هجوم غير متوقع (١).


(١) يروي التاريخ أن الإمبراطور نابليون (بونابرت) لم يهزمه ويشتت شمل جيشه (بعد أن كان قاب قوسين أو أدنى من النصر) في معركة (واترلو) الشهيرة التي خاضها ضد الإنكليز وحلفائهم بقيادة الضابط الإنكليزي (ولنجتون) - لم يهزمه سوى المباغتة وذلك أنه بينما كان فرسان نابليون يقتحمون أسوار قلعة (كاتريرا) التي تحصن فيها الإنكليز، وبينما أعصاب المدافعين عن القلعة أخذت في الانهيار، بعد أن نجح نابليون في تحطيم الأسوار والدروع، ونجحت طلائع جيشه في الوصول إلى داخل صفوف الإنكليز في التل وشطر الجيش الإنكليزي إلى شطرين بعد تدمير مدفعيته والفتك بجنودها، وبينما نابليون يتوقع (بين لحظة وأخرى) رفع الإنكليز العلم الأبيض على تل (كاتربرا) للاستسلام، إذا بهزيم المدافع ينطلق (فجأة) يصم الآذان من وراء ظهر جيش نابليون، فأدار وجهه وأرسل بصره من وراء منظاره المكبر ليرى ما الخبر، وإذا به يرى فرقة من الجيش البروسي قد أتت بقيادة الضابط بلوخر) لنجدة الإنكليز، فالتفت نحو التل آمرًا جيشه بمضاعفة الهجوم قبل أن يعرف الناس حقيقة النجدة ولمن قد أتت، وليجهز على جيش (ولنجتون) قبل وصول بلوخر، ولكن (ولنجتون) كان أمر وادهى، إذ سارع إلى قمة ربوته المنيعة ورفع قبعته ملوحًا بها في الهواء ناحية الجيش البروسي مرحبًا به، ثم مال بها ملوحًا نحو الفرنسيين (في سخرية وتحد) فأدرك الجيش الإنكليزي إشارة قائده، كما أدرك قادة الجيش الفرنسي أن جيشهم قد وقع بين نارين فخارت عزائمهم وجمع الجيش الإنكليزي المشتت شمله وشد (ولنجتون) بجيشه على الفرنسيين في هجوم مضاد كاسح فأخذ الجيشي الفرنسي في التراجع، وألقى كل فرد منه سلاحه وهام على وجهه، =

<<  <  ج: ص:  >  >>