للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقد أنقذت حركة خالد المفاجئة المعروفة جند مكة المنهزم فعاد إلى ساحة القتال، ولكنه عاد وصور الأَهوال التي لاقاها من جند الإِسلام لا تزال ماثلة أمامه.

فكان الرعب والفزع من المسلمين (بالرغم من وقوعهم في مأزق التطويق) يشد جند مكة إلى الوراء مما جعل هؤلاء الجند لا يشدون في التعرض للمسلمين المطوقين خوفًا من ضراوتهم التي لمسوها فيهم عندما اصطدموا بهم في الصفحة الأولى من المعركة.

فكانت التجربة الشاقة التي مرّ بها جيش مكة في أول الملحمة مصدرًا لعقدة خوف وفزع من جند الإِسلام، ظلت هذه العقدة مسيطرة على نفوس جند مكة (حتى بعد الانتكاسة) مما جعل كثيرًا من جند الشرك يتحاشون الاصطدام (جديًا) بجند الإسلام المحصورين، مما يسر لهؤلاء المحصورين التخلص والإِفلات الذي لم يدفعوا ثمنًا له سوى عشرة في المائة من مجموعهم، وهو ثمن زهيد بالنسبة لما كان ينتظرهم من فناء أكيد لو لم يفلتوا.

لأن المتوقع (بداهة) أن تبيد هذه القوة الضخمة المحاصرة (التي لا يقل عددها عن ألفين وسبعمائة مقاتل) القوة المحصورة التي لا يزيد عددها عن خمسمائة مقاتل، أو تجبرها على الاستسلام.

ولكن شيئًا من هذا لم يحدث، والسبب في هذا (من ناحية جيش مكة) هو التراخي الذي مصدره عقدة الخوف من جند الإسلام، وإلا فبماذا يفسر العسكري المنصف إفلات هذه القوة الصغيرة من قبضة تلك القوة الضخمة الهائلة التي كانت (آن ذاك سيدة الموقف؟ ؟ ).

<<  <  ج: ص:  >  >>