للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يتحكمون في اقتصاد منطقة يثرب وما جاورها تحكمًا كاملًا، وكان زعماؤهم - بالإضافة إلى هذا - يمتازون بالدهاء والمكر والحقد العارم على النبي - صلى الله عليه وسلم - خاصة (١).

ولم يكن النبي - صلى الله عليه وسلم - شديدًا في معاملتهم عندما نفاهم من المدينة بعد ضرب الحصار عليهم، فقد سمح لهم بأن ينقلوا معهم كل ما يقدرون على حمله من الأموال، ومن المعروف عن اليهود منذ القدم أن أكثر ما يكنزونه هو الذهب والفضة.

ولهذا فقد أوقر هؤلاء اليهود عشرات الجمال وحملوا معهم كل ما يملكون من ذهب وفضة وهو شيء عظيم، حتى إن أحد زعمائهم


(١) روى ابن إسحاق في السيرة عن صفية (أم المؤمنين) وهي بنت حيى بن أخطب كبير زعماء يهود بنى النضير، قالت: كنت أحب ولد أبي إليه وإلى عمى ياسر، لم ألقهما قط مع ولد لهما إلا أخذانى دونه، قالت .. فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة، ونزل (قبا) في بني عمرو بن عوف، غدا عليه أبي حيى بن أخطب، وعمى ياسر بن أخطب مغلسين، قالت فلم يرجعا، حتى كانا مع غروب الشمس، قالت .. فأتيا كالين كسلاتين ساقطين، يمشيان الهوينا.
قالت فهششت إليهما كما كنت أصنع، فوالله مالتفت إلى واحد منهما، مع ما بهما من الغم، قالت .. فسمعت عمى ياسر يقول لأبي حيى بن أخطب: أهو، هو؟ ؟ . (يعى النبي صلى الله عليه وسلم).
قال ... نعم والله.
قال ... أتعرفه وتثبته؟ ؟ . أي مما تجد من صفاته في التوراة؟ .
قال ... نعم.
قال ... فما في نفسك منه؟ ؟ .
قال: عداوته (والله) ما بقيت.
ومن خلال هذا الحديث الذي دار بين زعيمى بن النضير يتضح للقارئ مدى البغض الشديد والحقد العارم الذي ينطوى عليه هؤلاء اليهود للنبي صلى الله عليه وسلم ومدى تصميمهم على التخلص منه مهما كانت الوسائل التي يكون بها هذا التخلص.

<<  <  ج: ص:  >  >>