للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من أسلم، وخرج رسول - صلى الله عليه وسلم - حين أصبح يوم الثلاثاء بملل (١)، فراح من ملل وتعشَّى بالسيَّالة (٢) ثم أصبح بالروحاءِ (٣) فلقى بها أصرمًا من بني نهد معهم نعم وشاءُ، فدعاهم إلى الإسلام، فلم يستجيبوا له وانقطعوا من الإسلام، فأَرسلوا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بلبن مع رجل منهم فأبى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يقبل منهم وقال: لا أقبل هدية مشرك، فأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يُبتاع منهم فابتاعوه من الأعراب فسرّ القوم وجاوا بثلاثة أُضب (جمع ضب) أحياء يعرضونها، فاشتراها قوم أَحِلة من العسكر، فأَكلوا وعرضوا على المحرمين فأبوا حتى سألوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك، فقال: كلوا فكلُّ صيد ليس لكم حلالًا في الإحرام تأكلونه إلا ما صدتم أو صيد لكم، قالوا: يا رسول الله فوالله ما صدنا ولا صادته إلا هؤلاء الأعراب أهدوا لنا وما يدرون أن يلقونا، إنما هم قوم سيَّارة يصبحون اليوم بأرض وهم الغد بأرض أُخرى يتبعون الغيث وهم يريدون سحابة وقعت من الخريف بفرش ملل. فدعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - برجل منهم فسأله: أين تريدون؟ فقال: يا محمد، ذكرت لنا سحابة وقعت بفرش ملل منذ شهر، فأرسلنا رجل منا يرتاد


= خالد بن الوليد معسكرًا على الطريق الرئيسي لمقاتلته، فخرج به جندب حتى جاء الحديبية توفي ناجية بالمدينة في خلافة معاوية.
(١) قال ياقوت: ملل (بفتح أوله وثانية) منزل على طريق المدينة إلى مكة على ثمانية وعشرين ميلا من المدينة.
(٢) السيالة (بفتح أوله وتخفيف ثانيه) أول مرحلة لأهل المدينة إذا أرادوا مكة، قال ابن الكلبي: مر بها تبع اليمن بعد رجوعه من قتال أهل المدينة وواديها يسيل فسماها السيالة.
(٣) الروحاء سهل فسيح واسع، يقع على بعد أربعين ميلا من المدينة ويقال أنها سميت بهذا الاسم لأن تبع اليمن استراح بها وهو عائد من قتال أهل المدينة يريد مكة.

<<  <  ج: ص:  >  >>