المشترك والتعايش السلمي وعدم الاعتداء" المعقودة بين المسلمين واليهود فقد ظل اليهود (ما أمكنهم) يقاومون الدعوة الإسلامية ويثيرون المتاعب في وجه حامل لوائها النبي - صلى الله عليه وسلم - يبثون من أراجيف وينشرون من أكاذيب تستهدف تشكيل الناس في صدق دعوته والنفور منها، ويعضدون كل من يريد به شرًّا أو يبيت له ولأصحابه مكروهًا بل ويتآمرون ضد الإسلام بغية الإطاحة بحكمه والقضاء على رسوله.
غير مبالين بعهد أعطوه ولا مقيمين وزنًا لميثاق أبرموه، لأن هذه العهود والمواثيق (عند هؤلاء اليهود) لا قيمة لها ولا اعتبار إلا عندما يكون التمسك والالتزام بها يحقق لهم مصلحة خاصة فحسب.
ولذلك فقد كان سكونهم أو حركتهم (في يثرب) لا يأتيان تمشيًا مع روح العهود والمواثيق التي أعطوها وإنما يأتيان تبعًا للظروف في حدود المصلحة الشخصية، فإن رأوا فرصة مواتية أظهروا البغض والعداء وتحركوا للنيل من المسلمين، وإن لم يروا فرصة لاذوا بالصمت وانزووا كالأفاعي في انتظار الفرصة مواتية، فهؤلاء اليهود، هم (بحق) أول من وضع أسس المذهب (الميكافيلى) الخبيث، كما سيرى القارئ في هذا الكتاب.
ولقد عانى المسلمون ونبيهم - صلى الله عليه وسلم - في يثرب من هذا الخلق اليهودى (طيلة أربع سنوات) مشاق كثيرة ومتاعب عظيمة كان الرسول - صلى الله عليه وسلم -، يقابلها بحلم واسع وتسامح عظيم، وحتى الذين تآمروا على حياته من هؤلاء اليهود وقرروا اغتياله ذهب في التسامح معهم إلى أبعد الحدود حيث اكتفى (فقط) بنفيهم من المدينة مع أنه قادر على إبادتهم بعد أن استسلموا له دونما قيد أو شرط بعد محاصرتهم وإدانتهم بجريمة التآمر على حياته.