الجهل حتى أنه لم يلم بأشهر حقائق التاريخ وغيرها من الحقائق". لكن لعل هذه إحدى مبالغات الدوق المفرطة. وما من شك في أن لويس لم يظهر ميلاً يذكر للكتب، وإن كانت رعايته للمؤلفين وصداقته لموليير وبوالووراسين تشير إلى تقدير صادق للأدب. وقد أعرب فيما بعد عن أسفه لأنه لم يصل إلى دراسة التاريخ إلا متأخراً جداً، وكتب يقول "إن الإلمام بالأحداث العظيمة التي وقعت في العالم على مدى القرون الكثيرة، والتي هضمتها العقول القوية النشيطة، هذا الإلمام يفيد في دعم الحجة في جميع المداولات الهامة" (١٧) وقد جهدت أمه لتربي فيه الإحساس بالشرف والشهامة لا مجرد آداب السلوك، وبقي الكثير من هذا وإن لوثته إرادة طائشة للقوة. كان فتى جاداً ممتثلاً، يبدو أطيب من أن يصلح للحكم، ولكن مازاران صرح بأن في لويس "من الأصالة والكفاءة ما يصنع أربعة ملوك ورجلاً شريفاً" (١٨).
في ٧ سبتمبر ١٦٥١ أطل جون إيفيلين من مسكن توماس هوبز في باريس على الموكب الذي رافق الملك الصبي، البالغ الثالثة عشرة، متجهاً إلى الحفل المقام بمناسبة إنهاء سن قصوره. وقال هذا الإنجليزي في وصفه "مضى أبوللو الصغير هذا أكثر الطريق وقبعته في يده يحي السيدات والمعجبات اللائى ازدانت النوافذ ببهائهن وملأ الجو هتافهن "يحيى الملك"(١٩) وكان في إمكان لويس يومئذ أن يتسلم زمام الأمر كله من مازاران، ولولا أنه كان يحترم ذلك الدهاء المهذب الذي طبع عليه وزيره، نسمح له بأن يحتفظ بالزمام تسع سنوات أخرى. ومع ذلك فقد اعترف بعد موت الكردينال قائلاً "لست أدري ماذا كنت صانعاً لو عمر طويلاً"(٢٠) فلما مات مازاران أقبل رؤساء الإدارات على لويس سائلين إلى من يأتون ليتلقوا تعليماتهم، فأجاب ببساطة قاطعة "إلي"(٢١) ومنذ ذلك التاريخ (٩ مارس ١٦٦١) حتى أول سبتمبر ١٧١٥ تولى حكم فرنسا بنفسه. وبكى الشعب فرحاً إذ أصبح له ملك فعال لأول مرة في نصف قرن.