للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الإصلاح، ولكن تحيزاته ومخاوفه، ومطالب الأشخاص الأتقياء وأصحاب الامتيازات الملحة جعلته جباناً، وأكرهته على التخلي عن خطط أوحى بها إليه حبه للشعب" (٩٤). ومع ذلك فقد جرؤ على أن يقول في إعلان عام (١٧٨٠) لعل نكير كان قد أعده له، إن "الضرائب المفروضة على أفقر شطر من رعايانا .. وقد زادت بنسبة تفوق كثيراً سائر الرعايا الباقين. "وأعرب عن آماله ألا يحسب الأغنياء أنفسهم مظلومين إذا وجب عليهم، بعد أن يردوا إلى المستوى العام (الضرائب)، أن يؤدوا الفروض التي كان لا بد أن يشاركوا فيها غيرهم منذ زمان بقدر أكبر من المساواة" (٩٥). وكان يرتعد إذا خطر بباله فولتير، ولكن روحه التحررية شكلها على غير وعي منه ذلك العمل الذي قام به فولتير، وروسو، وجماعة الفلاسفة بوجه عام لفضح المفاسد القديمة ولبعث الحياة الجديدة في المشاعر الإنسانية التي ارتبطت من قبل بالمسيحية. ففي هذا النصف الأول من حكمه بدأ لويس السادس عشر إصلاحات كان خليقاً بها لو اتصلت واتسعت شيئاً فشيئاً أن تتفادى الثورة. ثم إنه في عهد هذا الملك الضعيف نرى فرنسا التي سلبتها إنجلترا ممتلكاتها وأذلتها في عهد أسلافه-تكيل الضربات بجرأة وبنجاح لبريطانيا الفخور، وتعين بعملها هذا على تحرير أمريكا.

[٧ - فرنسا وأمريكا]

اتفقت الفلسفة هذه المرة مع الدبلوماسية. فمؤلفات فولتير، وروسو، وديدرو، ورينال، وعشرات غيرهم أعدت الذهن الفرنسي لمناصرة تحرير المستعمرات كما ناصر التحرير الفكري، وكان الكثيرون من الزعماء الأمريكيين-كواشنطن، وفرانكلين، وجفرسن-أبناء للتنوير الفرنسي. ومن ثم فحين قدم سيلاس دين إلى فرنسا (مارس ١٧٧٦) ملتمساً قرضاً للمستعمرات الثائرة، كان الرأي العام الفرنسي شديد التعاطف معه، وراح بومارشيه في تحمسه يرسل المذكرة تلو المذكرة إلى فرجين يحثه فيها على مد يد المعونة لأمريكا.

وكان فرجين نبيلاً يؤمن بالملكية والأرستقراطية، وليس بينه وبين