سيسمح لنا مجال دراستنا الآن أن نصف بالتفصيل الوزارات الأربع التي أعقبت وزارة بت Pitt . فباستثناء عام فوكس Fox كانت كل طاقات هذه الوزارات منصرفة إلى قضايا شخصية وحزبية أكثر من انصرافها إلى قضايا الدولة والسياسة، وكان حاصلها الإجمالي على المستوى الدولي مؤديًا للنتيجة نفسها: من الازدهار إلى تدنّي الأوضاع ومن الإعجاز إلى المماطلة والتسويف.
لكن "وزارة كل المواهب"(١٨٠٦ - ١٨٠٧) قد تألقت بجهود شارلز جيمس فوكس Fox وزير الخارجية بسعيها لترتيب سلام مع فرنسا. لقد واجه الظروف غير المستقرة بليبرالية صابرة وقدرته على قبول الثورة الفرنسية، بل وقبوله حتى نابليون نفسه بتسامح غير مألوف في التاريخ. ولسوء الحظ أنه وصل إلى السلطة في وقت تدهورت فيه صحته وعانى عقله ونفسيته من إفراطه في الطعام والشراب وقد مهد للمفاوضات مع فرنسا بأسلوب رشيق بأن أرسل إلى تاليران (١٦ فبراير ١٨٠٦) أن بريطانيًا وطنيًا أتى إلى وزارة الخارجية بخطة لاغتيال نابليون وأضاف مؤكدًا أن هذا المهرج موضوع الآن تحت مراقبة صارمة. وقدر الإمبراطور (نابليون) هذه اللفتة لكنه (أي الإمبراطور) كان معجبًا بنفسه يتيه فخرًا بانتصاره على النمسا، كما كانت بريطانيا شامخة الأنف لانتصار قائدها نلسون في الطرف الأغر، وبالتالي كان كل طرف من الطرفين غير مستعد لتقديم التنازلات اللازمة لعملية السَّلام. وقد حقق فوكس نجاحًا أفضل فيما يتعلق باقتراحه الذي قدمه للبرلمان لإنهاء تجارة الرقيق بعد جيل من الجهود التي بذلها في هذا الصدد وِلْبَرفُورس ومئات آخرون، إذ صدر قانون بتحريم هذه التجارة في مارس سنة ١٨٠٧ وقبيل هذا التاريخ مات فوكس (١٣ سبتمبر ١٨٠٦) في السابقة والخمسين وتردت السياسة البريطانية في جمود (قصور ذاتي) على أمل.
وعلى أية حال فهذه العبارة الأخيرة تكاد تكون مناسبة تمامًا لوصف الأشخاص المهيمنين في وزارة وليم كافندش بنتينك William Cavendish Bentinck دوق بورتلاند (١٨٠٧ - ١٨٠٩). وأرسل جورج كاننج وزير الخارجية أسطولًا لقذف كوبنهاجن (١٨٠٧)، وأرسل