جاءت الفلسفة- كما جاء الدين- إلى اليابان قادمة من الصين؛ وكما أن البوذية قد انتهت إلى "نيبون" بعد دخولها في "مملكة الشعب الوسطى الزاهرة" بستمائة عام؛ فكذلك بلغت الفلسفة مرحلتها الواعية في اليابان متخذة صورة المذهب الكنفوشيوسي بما يقارب من أربعمائة عام بعد أن أفاضت الصين على الكونفوشيوسية حياة جديدة؛ ففي نحو منتصف القرن السادس عشر، ظهر رجل من سلالة الأسرة اليابانية المشهورة، وهو:"فيوجيواراسيجوا" ولم يُرْضه العلم الذي حصله باعتباره راهباً؛ وكان قد سمع بحكماء عظماء في الصين، فقرر أن يرتحل إلى هناك طالباً للعلم؛ ولما كان الاتصال بالصين محرماً في سنة ١٥٥٢، فقد دبر الكاهن الشاب خطة يعبر بها مياه البحر في سفينة كانت تشتغل بالتهريب؛ وحدث أن كان يرقب هذه السفينة في نُزُل في الميناء، فسمع إذ ذاك طالباً يقرأ بصوت عال باللغة اليابانية كتاباً صينياً عن كونفوشيوس؛ فكم كانت غبطة "سِجوا" حين علم أن الكتاب من تأليف "شوهسي" تعليقاً على "العلم الواسع"؛ فهمس لنفسه قائلاً:"هذا هو ما كنت أسعى إليه منذ طويل"؛ ولبث يبحث بحثاً لا يفتر حتى حصل على نسخة من هذا الكتاب كما حصل على نسخ من سائر ما أنتجته الفلسفة الكونفوشيوسية، وانغمس في تتبع ما في هذه الكتب من مجادلات،