وكانت مئات الفنون تستخدم في هذه القصور وفي بيوت الأغنياء لتجعل كل شيء فيها عظيم النفقة إن فاتها أن تجعله جميلاً. فقد كانت أرضها في الغالب من الرخام المتعدد الألوان، أو الفسيفساء الذي عني فيه صانعوه بجمع المكعبات الصغيرة الكثيرة الألوان Cesserae، وبذلوا في ذلك الكثير من الجهد والوقت، فأخرجوا منها رسوماً مدهشة في واقعيتها وثباتها. وكان أثاث هذه القصور أقل عدداً من أثاث بيوتنا وأقل منه مجلبة للراحة، ولكنه يفوق في فخامة نقشه ودقة صنعه. فكانت المناضد، والكراسي، والمقاعد، والمضاجع، والأسرّة، والمصابيح، والأواني، كلها تصنع من المواد المتينة، كما كانت كثيرة الزينة. وكانت خير أنواع الخشب، والعاج، والرخام، والبرونز، والفضة، والذهب تخرط وتصقل بمنتهى الدقة والعناية، وتنقش عليها صور لأنواع النبات والحيوان، أو ترصع بالعاج، والفيروز، والصدف، والبرونز المنقوش، أو الحجارة الكريمة. وكانت المناضد تصنع أحياناً من خشب السرو أو الليمون الغالي، وكان بعضها يصنع من الذهب أو الفضة، والكثير منها يصنع من الرخام أو البرونز. أما المقاعد فكانت على أشكال لا حصر لها، منها مقاعد تطوى إلى عروش للأباطرة ولكنها كانت أقل تشويهاً للعمود الفقري من مقاعد هذه الأيام. وكانت الأسرّة تتخذ من الخشب أو المعدن، وكانت ذات أرجل رفيعة ولكنها ثابتة متينة تنتهي في كثير من الأحيان برؤوس الحيوانات أو أقدامها، وكانت عليها شبكة برونزية تحمل حشية القش أو الصوف بدل الشبكات اللولبية التي تستخدم في هذه الأيام. وكانت نضد رشيقة ذات ثلاثة أرجل تستخدم في