والمكاشفات بين العشاق بخلود الحب. أن نصف تصوير فرنسا خلال المائة السنة التالية كان ذكرى لفاتو. وقد استمر تأثيره حتى بوشيه، ثم فراجونار، ثم ديلاكروا، ثم مينوار، ووجد التأثريون في أسلوبه إرهاصات موحية بنظرياتهم في الضوء والظل والمزاج. لقد كان كما قال جونكور المفتون به "الشاعر العظيم للقرن الثامن عشر (٧٤) ".
[٧ - المؤلفون]
زكا الأدب في ظل أخلاقيات عصر الوصاية الهينة اللينة وما ساده من تسامح، ووجدت الهرطقة موطئاً لقدمها لم تجل عنه قط بعدها. وأفاقت المسارح والأوبرا من عبسات الملك الراحل ومدام دمانتنون، وكان فليب، أو بعض أهل بيته، يختلفون كل مساء تقريباً إلى الأوبرا، أو الأوبرا-الهزلية، أو "المسرح الفرنسي، أو مسرح الإيطاليين. واحتفل المسرح الفرنسي بتمثيليات كورنيي، وراسين، وموليير، ولكنه فتح أبوابه لتمثيليات جديدة كمسرحية فولتير "أوديب"، التي سمع فيها صوت عصر جديد متمرد.
ونحن إذا استثنينا فولتير وجدنا أعظم كتاب هذا العصر محافظين شكلوا في ظل الملك العظيم. فكان الآن رينيه لساج المولود عام ١٦٦٨، ينتمي روحاً وأسلوباً للقرن السابع عشر وإن عاش حتى ١٧٤٧. وفد على باريس بعد أن تلقى العلم على يد اليسوعيين في فان، فدرس فيها القانون-وكانت خليلته تدفع له نفقات تعليمه (٧٥). وبعد أن قضي في خدمة جاب للضرائب فترة بغضته في رجال المال، تكفّل بإعالة زوجته وأبنائه بتأليف الكتب، ولعله كان يموت جوعاً لولا أن رئيساً دينيا عطوفاً أجرى عليه معاشاً قدره ستمائة جنيه في السنة. وقد ترجم بعض التمثيليات عن الأسبانية، والتتمة التي كتبتها أفيلانيدا لرواية "دون كخوته". ثم استوحى قصة "الشيطان الأعرج" لفيليت دي جويفارا، فوفق كل التوفيق في قصته "الشيطان الأعرج" (١٧٠٧) التي صورت شيطاناً مؤذياً يدعى اسمودوس، يحط على قمة جبل في باريس، ويرفع أسقف البيوت كما يشاء بعصاه السحرية، ويكشف لصاحبه عن الحياة الخاصة والغراميات المحرمة للقطان الغافلين. والحصيلة فضح مرح لمكائد البشر القذرة، ونفاقهم، ورذائلهم،