نشأت المسيحية من الإيحاء الغامض العجيب الخاص بحلول الملكوت، واستمدت دوافعها من شخصية المسيح نفسه وتخيلاته، كما استمدت قوتها
(١) إن أهم المراجع التي نعتمد عليها في كتابة تاريخ هذه الفترة هي "أعمال الرسل". والمتفق عليه بوجه عام أن هذا السفر هو والإنجيل الثالث من وضع مؤلف واحد، ولكن ليس ثمة ما يماثل هذا الإجماع على أن كاتب السفرين هو لوقا، صديق بطرس الذي لم يكن من اليهود، وإن كان سفر الأمثال لم يرد فيه شيء عن موت بولس، فإن النسخة الأصلية منه قد تكون قد ألّفت حوالي عام ٦٣ ليحاول بها صاحبها تسكين عداء الرومان للمسيحية ولبولس؛ ولكن المرجح أن الكتاب قد ضُمّت إليه أجزاء أخرى كتبها مؤلف آخر جاء بعد مؤلفه الأول. ويكثر في هذا السفر ذكر خوارق الطبيعة، ولكن قصته الأساسية يمكن إعتبارها تاريخاً صحيحاً (١). وقد ضمت في القرن الثاني عدة "أعمال" و"رسائل" مختلفة مشكوك فيها حُذفت من الكتاب المقدس تحتوي على عدد من القصص الخرافية تروي حياة الرسل بعد المسيح. وكانت هذه "الأعمال" بمثابة الروايات الخيالية التاريخية لذلك العصر، ولم تكن بالضرورة محاولات يقصد بها الخداع والتمويه. وقد رفضتها الكنيسة المسيحية، ولكن أتقياء المسيحيين آمنوا بها، وخلطوها خلطاً متزايداً بالتاريخ الصحيح. وينزع النقاد إلى الاعتقاد بصحة معظم ما جاء في رسالة بطرس الأولى وهي إحدى الرسائل السبع الواردة في العهد الجديد معزوة إلى الرسل الاثني عشر، وننزع كذلك إلى القول بأن صاحب رسالات يوحنا هو نفسه صاحب الإنجيل الرابع الذي لا يزال مؤلفه مثاراً للنزاع. أما باقي الرسائل فيرفضونها لأنهم يشكون كثيراً في صحتها.