بجد، وعانى من جو روما المسبب للملاريا malarial air ومن نحت الأعمال الضخمة، فغادر روما في صيف سنة ١٨٢١ طالبا هواء أنقى وحياة أهدأ في مسقط رأسه بوسّاجنو Possagno (بوسّانو) وفيها مات في ١٣ أكتوبر ١٨٢٢ وهو في الرابعة والستين من عمره فبكاه كل المثقفين في إيطاليا.
٧ - ستُبعثُ إيطاليا من جديد
ما هي المحصلة الجبرية (نسبة إلى علم الجبر) الكلية لما أحدثته فرنسا من خير وشر في إيطاليا في هذا العصر؟ لقد قدمت فرنسا لأمّة تتمرّغ في الكسل بسبب حكم الأجانب لها، صيحة صاخبة ونموذجاً لأمة حقّقت حريتها بإرادتها وأفعالها وهي تكاد تميَّزُ من الغيظ. لقد قدّمت فرنسا لإيطاليا روحاً جديدة مفعمة بالتحدي فيما يتعلق بعلاقة المواطنين بالدولة. لقد قدّمت فرنسا لإيطاليا مجموعة المدوّنة النابليونية. لقد كانت صارمة لكنها كانت بنّاءة ومحدّدة وواضحة ضبطت الأمور وأشاعت النظام ومهدت الطريق للوحدة والمساواة أمام القانون في شعب طالما قسّمته الطبقية والنفور من الامتثال للقانون.
وعمل نابليون ورجال إدارته النشيطين على تحسين الأداء الحكومي وتطهيره وعلى الإسراع بالتنفيذ ومضاعفة الأشغال العامة (المشروعات العامة) وتزيين الطرق وإنشاء الحدائق والشوارع التي تحفها الأشجار، وتطهير الطرق والمستنقعات والترع والقنوات، وتأسيس المدارس وإلغاء محاكم التفتيش وتشجيع الزراعة والصناعة والعلوم والآداب والفنون. وحمى الحكم الجديد (الفرنسي) دين الناس لكنه لم يعطِ الحكومة حق قمع المنشقين عن الكنيسة. لقد كان نابليون المتشكك (غير المؤمن بالكاثوليكية) هو الذي خصّص الأموال لإكمال كاتدرائية ميلان، وتم الإسراع بالإجراءات القانونية كلها كما أُدْخل عليها الإصلاح، وأصبح التعذيب مخالفاً للقانون ولم يُعد استخدام اللغة اللاتينية في المحاكمة أمراً لازماً، وفي هذه الفترة (١٧٨٩ - ١٨١٣) لم يكن ينقص جوزيف Joseph ومورا Murat في نابلي ويوجين في ميلان إلاّ أن يكونوا إيطاليين ليحظوا بحب الشعب.
أما الجانب الآخر للصورة فيتمثل في التجنيد الإلزامي والضرائب والاختلاس (بمقادير قليلة). لقد وضع نابليون نهاية للصوصية وقطع الطرق، لكنه استولى على الأعمال الفنية