من أعجب الأشياء أن النورمان قد استطاعوا أن يكيفوا أنفسهم بما ينفق مع البيئات الكثيرة المختلفة التي حلوا بها من اسكتلندة إلى صقلية، وأنهم أيقظوا بنشاطهم القوي العنيف الأقاليم والشعوب الراقدة، وأن رعاياهم قد امتصوهم امتصاصاً كاملاً في عدد قليل من القرون حتى اختفوا من التاريخ.
لقد ظلوا مائة عام مفعمة بالاضطرابات يحكمون جنوبي إيطاليا التي كانوا فيها خلفاء للبيزنطيين، وصقلية التي ورثوها عن المسلمين. فقد شرع روجر جسكارد Roger Guescard يغير على هذه الجزيرة بجماعة قليلة العدد من القراصنة في عام ١٠٦٠، فلم يحل عام ١٠٩١ حتى تم له الاستيلاء عليها، واعترفت إيطاليا بحكمه فيها عام ١٠٨٥، فلما مات (١٠١١) كانت "الصقليتان"- الجزيرة وجنوبي إيطاليا- قد أصبحتا ذواتي شأن في السياسة الأوربية. وكانت سيطرة مضيق مسينا والخمسين ميلاً الفاصلة وأفريقية، قد أكسبت النورمان ميزات تجارية وحربية عظيمة، وأضحت مدائن أملفي، وسلرنو، وبالرم مراكز للتجارة الناشطة مع ثغور البحر المتوسط بما فيها