فإن أعداءه اتهموه بالهرطقة، فأخرسهم وارهام كبير الأساقفة وأذعن هنري. وعندما رأى كوليه أن هنري يميل إلى الحرب مع فرنسا ندد علناً بسياسته وأعلن، كما فعل أرازموس، أن سلاماً ظالماً خير من أعدل الحروب. وندد كوليه بالحرب، حتى وهو مجتمع بالملك في الصلاة، باعتبارها صفعة في وجه تعاليم المسيح، ورجاه هنري على انفراد ألا يضعف معنويات الجيش، ولكن عندما حرض الملك على أن يخلع كوليه أجاب قائلاً:"ليكن لكل إنسان قسيسه الخاص … إن هذا الرجل هو قسيسي (٦) ". واستمر كوليه يفسر تعاليم المسيحية تفسيراً جاداً. وكتب إلى أرازموس (١٥١٧) يقول بروح توما أكمبي: آه يا أرازموس لا حد هناك لكتب المعرفة، وليس هناك أفضل من أن نعيش حياة طاهرة مقدسة في هذا الأجل القصير الذي كتب علينا وأن نبذل جهدنا في حياتنا اليومية، وأن نتطهر ونتثقف … بالحب المتأجج والاقتداء بيسوع. ولهذا فإن أعظم رغباتي إلحاحاً هي أن نسير قدماً، معرضين عن كل السبل غير المباشرة مؤثرين بطريقة قصيرة توصل إلى الحقيقة. وداعاً (٧).
وفي عام ١٥١٨ أعد قبره البسيط ولم ينقش عليه إلا اسم جوهانس كوليتس ودفن فيه، بعد عام، وأحس كثيرون أن قديساً قد مات.
[٢ - ولزى]
كان هنري، الذي قدر له أن يصبح تجسيداً لأمير مكيافيلي، لا يزال بعد حدثاً بريئاً في السياسة الدولية. وعرف حاجته إلى الإرشاد وجعل من الرجال حوله نماذج. وكان مور ذكياً بيد أنه لم يتعدَ الحادية والثلاثين، وكان يميل إلى الطهارة والتقوى. وكان توماس ولزى يكبره بثلاثة أعوام فحسب، وكان قساً إلا أن اتجاهه بأكمله للسياسة، والدين عنده جزء من