كتاب قصة الحضارة

الإسلام يتحدى - ٥ - فارس تحت حكم الأسرة الصفوية - ج: 30 - ص: 154

بالحجارة. وشجع الصناعات والتجارة الخارجية واستخراج المعادن من بطن الأرض. وبنى السدود، وتوسع في ري الأراضي، وأمد المدن بالماء النقي. وجدد المدن التي لحقت بها أضرار-مشهد، قزوين، تبريز، همذان قال تافرنييه: "كثيراً ما تنكر الشاه وجاب أنحاء أصفهان، كأي مواطن عادي، مدعياً أنه يبيع ويشتري. وكل همه أن يكشف عن التجار المطففين الذين يستخدمون موازين ومقاييس زائفة … فرأى اثنين مجرمين منهم، فأمر بدفنهما أحياء، (٢٨) تلك هي الطرقة الشرقية لغرض احترام القانون وتدعيمه وعند قصور الأشراف الراقية والشرطة، يكون الهدف من صرامة العقوبة كبح جماح النزعة الطبيعية في الإنسان إلى التحلل من القانون أو خرقه. وربما كانت الحياة الحافلة بالحروب هي التي جنحت بالشاه عباس إلى اللجوء إلى هذه القسوة أداة لكبح جماح الناس أو للانتقام. فقتل أبنائه وسمل عيني آخر (٢٩). ومع ذلك فإن هذا الرجل نفسه نظم الشعر، وقام بكثير من أعمال البر والإحسان، ورعى كثيراً من الفنون.

وبموت الشاه عباس (١٦٢٩) انقضى العصر الذي بلغ فيه الحكم والفن وفي ظل الأسرة الصفوية ذروة المجد. ولكن النظام الذي أرسى دعائمه نشاطه المتصل في كل الميادين، ظل سائداً قرابة قرن من الزمان بعده. وعلى الرغم من تعاقب عدد من الملوك الضعاف احتفظت الأسرة الصفوية بالعرش حتى دهمها غزو الأفغان المفاجئ العنيف لبلاد الفرس (١٧٢٢ - ١٧٣٠) وعلى الرغم من فترة الانحلال السياسي هذه، ظل فن الصفويين محتفظاً بمكانته بين أعظم نتاج لذوق الإنسان ومهارته.

[٥ - فارس تحت حكم الأسرة الصفوية]

١٥٧٦ - ١٧٢٢

والآن نلقي بنظرة على عهد الصفويين، من وفاة طهماسب الأول (١٥٧٦)، حتى نهايته (١٧٢٢)، لأن هذا تطور ثقافي لا يمكن اقتطاعه، تمشياً مع تسلسل الأحداث في أوربا. لقد ترك لنا كثير من السائحين الغربيين بيانات مشرقة عن