وكان لهذا الاختلاط الحرّ بين المسيحيين واليهود أثر مضعف على الجانبين: لقد أضعف العقيدة المسيحية (السائدة) عندما وجد المسيحيون أن المسيح ورسله Apostles (الكلمة في المصطلح المسيحي تعني الدعاة له وسفر أعمال الرسل يعني سفر الدعاة أو المبشرين بالمسيحية) الاثني عشر لم يكن هدفهم سوى الوصول إلى يهودية جديدة إصلاحية، أو بتعبير آخر لم يكن هدفهم سوى إصلاح اليهودية لتكون مطابقة لشرائع موسى والهيكل. وكذلك أدى هذا الاختلاط إلى إضعاف عقيدة اليهود الذين رأوا أن إخلاصهم لليهودية يشكل معوقا قاسيا يحول بينهم وبين المكانة الاجتماعية والتواؤم مع من يعيشون معهم. وعلى كلا الجانبين (المسيحي واليهودي) أدى تدهور المعتقد الديني إلى تساهل في المعايير الأخلاقية.
[٤ - الأخلاق]
كانت قواعد السلوك والأخلاق قائمة على الاعتقاد في إله رحيم منتقم، يشجع كل تواضع ويراقب كل عمل ويعلم ما تخفي الصدور، لا ينسى شيئا، وهو صاحب الحق ومالك القوة، ليصدر الحكم ويعاقب أو يعفو. إنه إله الحب والانتقام إنه السيد المهيمن مالك الجنة والنار (وهي صورة الإله في العصور الوسطى). هذه العقيدة الكئيبة والتي ربما كان لابد منها ظلت موجودة بين الجماهير وساعدت رجال الدين والأرستقراطيين Junkers والجنرالات والبطارقة على التحكم في جماهيرهم (قطيعهم) والفلاحين والجنود والبيوت. لقد تطلبت الحروب الدورية والمنافسة التجارية والحاجة للانضباط الأسري، تأصيل وصياغة عادات الطاعة والتنفيذ لدى الشباب وعادات التواضع المبهج والعمل داخل المنزل لدى البنات، والصبر والإخلاص لدى الزوجات، والقدرة الصارمة على القيادة لدى الزوج والأب.
وكان الرجل الألماني العادي يجد من الحكمة أن يكون وقورا أمام زوجته وأبنائه ومنافسيه وموظفيه، رغم أنه- بعيدا عنهم - يكون مرحا محبا للفكاهة - على الأقل عندما يكون في الحانة. وهو - أي الألماني العادي - يعمل بجد، ويتوقع الشيء نفسه ممن يعملون تحت إدارته، وهو يحترم التقاليد والتراث باعتبارهما نبع الحكمة وعمود المصداقية. والعادات