إذا كانت العبادات الرسمية مكتئبة صارمة فإن ما كان فيها من أعياد قد عوضها عن هذه الصرامة وصَوَّر الناس والآلهة في صورة أبهى وأجمل منظراً. فقد كانت السنة تزدان بأكثر من مائة يوم مقدس (feriae) من بينها اليوم الأول من كل شهر، وقد شمل أحياناً اليومين التاسع والخامس عشر. وخصصت بعض هذه الأعياد لتقديس الموتى وأرواح العالم السفلي؛ وكان يقصد بالأعياد وما يقام فيها من احتفالات استرضاء الموتى وإقصاء غضبهم؛ فكانت الأسر الرومانية تحتفل في الأيام ما بين ١١، ١٣ من شهر مايو احتفالاً رهيباً بعيد الأرواح الميتة Lemures؛ فكان الأب في هذا العيد يبصق من فمه فولاً أسود وهو ينادي:"بهذا الفول أنجي نفسي وأبنائي .. أذهبي يا أطياف أسلافي (١٩)! " ولم تكن أعياد البارنتاليا Parentalia والفراليا Feralia التي تقام في شهر فبراير إلا محاولات أخرى من هذا النوع لاسترضاء الأموات المخيفين؛ لكن معظم الأعياد كانت مناسبات للمرح وملء البطون؛ وكثيراً ما كان العامة يتخذونها فرصاً لإباحة الجنسية؛ وشاهد ذلك ما يقوله أحد الأشخاص في مسرحية هزلية لبلويس:"في وسعك أن تأكل ما تشاء، وتذهب حيث تشاء، وتحب من تشاء، على شريطة أن تمتنع عن الاتصال بالأزواج والأرامل والعذارى، والغلمان الأحرار (٢٠) " ويلوح أنه كان يحس بأن ثمة بعد هذا مجالاً واسعاً للاختيار.
وكانوا يحتفلون في اليوم الخامس عشر من شهر فبراير بعيد عجيب هو عيد لوبركاليا المخصص للإله فونس Faunus الحامي من الذئاب Iupercus، وكان يضحي في هذا العيد بالمعز والضأن، وكان اللوبرسي Iuperci- وهم كهنته لا يلبسون على أجسادهم إلا مناطق من جلد المعز- يهرولون حول البلاتين