كانت الكتب يتزايد عددها بشكل رهيب، حتى قال برنابي رتش في ١٦٠٠ "إن من الأمراض الفظيعة في هذا العصر هو هذا السيل الضخم من الكتب التي تثقل كاهل العالم غير القادر على هضم هذا القدر الكبير من المادة التافهة التي تخرج إليه كل يوم" كذلك كتب روبرت بيرتون (١٦٢٨): إننا مهددون بفوضى وتشويش لا حد لهما من الكتب التي ترهقنا، فتصاب أعيننا بسبب القراءة، وتتألم أصابعنا بسبب تقليب الصفحات (١)". وهذان الشاكيان كلاهما من مؤلفي الكتب.
إن النبلاء، بعد أن تعلموا القراءة، أجزلوا العطاء وبسطوا رعايتهم على هؤلاء المؤلفين الذين قد كرموهم وتملقوهم بإهداء مؤلفاتهم إليهم. وكان سيسل، وايستر، وسدني، ورالي، واسكس، وسوثمبتون، وارل ودوقة بمبروك، كان هؤلاء جميعاً رعاة وحماة أفاضل أقاموا بين النبلاء الإنجليز وبين المؤلفين علاقة استمرت حتى بعد أن انتهر جونسون راعيه لورد تشستر فيلد، وكان الناشرون ينقدون المؤلفين نحو ٤٠ شلناً عن كل كراسة، ونحو خمسة جنيهات عن الكتاب، وسعى بعض المؤلفين إلى أن يعيشوا على أقلامهم. وظهرت في إنجلترا هذه الصناعة البائسة إلا وهي "صناعة الأدب" وكانت المكتبات الخاصة كثيرة لدى الأغنياء. ولكن المكتبات العامة كانت نادرة. وفي طريق العودة إلى الوطن من قادس ١٥٩٦، توقف اسكس في فارو بالبرتغال، واستولى على مكتبة الأسقف جيروم أوزوريوس، وأهداها إلى سير توماس بوداي الذي ضمها إلى مكتبة بودلي التي وهبها لجامعة أكسفورد ١٥٨٩.