للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وألف أتباع الثلجكي في بوهيميا الشرقية وموارفيا (١٤٥٧) فرقة مسيحية جديدة، اسمها كنيسة الأخوة، ووقفوا أنفسهم على حياة زراعية بسيطة على مبادئ العهد الجديد وفي عام ١٤٦٧ أنكروا سلطة الكنيسة الكاثوليكية وقدسوا قساوستهم ورفضوا المطهر وعبادة القديسين وأرهصوا بمذهب لوثر في التزكية بالعقيدة، وأصبحوا أمل الكنيسة الحديثة التي تدين بالمسيحية، وما أن جاء عام ١٥٠٠ حتى بلغ أعضاؤها مائة ألف مسيحي. ولقد قضى على هؤلاء ((الإخوان المورافيين)) تقريبا في سورة حرب الثلاثين سنة، وهم إنما عاشوا بفضل جون كومينوس، ولا يزالون موجودين في جماعات مفرقة في أوربا وأفريقيا وأمريكا، وهم يدهشون عالما يتسم بالعنف والشك، بتسامحهم الديني وتقواهم غير المزعومة وولائهم السلمي للمبادئ التي يعتنقوها.

(١) خلط الفرنسيون بين البوهيميون المبعدين والغجر ( Gypsies) الذين وصلوا إبان القرن الخامس عشر إلى أوربا الغربية، مفترضين مجيئهم من بوهيميا فجعلوا أسم بوهيمي يرادف الغجري. واسم جيبسي ( Gypsy) تحريف لاسم إيجبشيان أي مصري، ويوحي بما زعمته القبيلة في أنها جاءت من مصر الصغرى. ويرجع برتن نشأتهم إلى الهند. وسموا في الأراضي البيزنطية باسم الروم - أي الرومان (الشرقيين)، وأطلق عليهم في البلقان وأوربا الوسطى بشتقان من آرزيجان (سزيجاني، زيجر، زنجاري). وهي كلمة يشك في أصلها. وبدأ ظهورهم في السجلات الأوربية في أوائل القرن الرابع عشر بوصفهم جماعات متجولة من أصحاب الحرف والموسيقيين والراقصين والعرافين واللصوص - كما كان الاعتقاد السائد. ووصلوا حوالي عام ١٤١٤ إلى ألمانيا وعام ١٤٢٢ إلى إيطاليا وعام ١٤٢٧ إلى فرنس وعام ١٥٠٠ إلى إنجلترا.

وكانوا يقبلون العماد في العادة، ولكنهم تساهلوا في الدين والتزام الوصايا وسرعان ما وقعوا تحت طائلة محاكم التفتيش. وطردوا من إسبانيا (١٤٩٩) ومن الإمبراطورية الرومانية المقدسة (١٥٠٠ - ١٥٤٨) ومن فرنسا (١٥٦١). وتنحصر مساهمتهم في الحضارة إذا استثنينا لباسهم المشرق المنوع الألوان والحلي الخاصة بنسائهم الموسرات، في الرقص والموسيقى - وقد أوحى تبادلهم في الألحان بين الحزن والقوة إلى بعض كبار الملحنين والموسيقيين.

[٤ - بولندة]

(١٣٠٠ - ١٠٥٥)

إن المحافظة على السلم عسيرة، حتى في المناطق التي تستمد وحدتها ومناعتها من الحواجز الجغرافية، ولنلاحظ كيف تكون المحافظة على هذا السلم أعسر كثيرا في الدول التي تتعرض على أحد حدودها أو أكثر لجيران متعطشين للغزو أبدا، ينزعون إلى التغرير حيناً وإلى القوة حيناً آخر، واختنقت بولندة بعض الاختناق إبان القرن الرابع عشر على يد الفرسان التيوتون واللتوانيين والهنغاريين والمورافيين والبوهيميين والألمان وذلك بالضغط على حدودها وما كاد لاريسلاس ((القصير)) يصبح الأمير الأكبر لبولندة الصغرى أي الجنوبية (١٣٠٦) حتى واجه حشداً من الأعداء. ورفض الألمان طاعته في