وقد ارتقى دوناتلو بفن النحت رقيا لا حد له، ولسنا ننكر أنه كان من حين إلى حين يصب في مواقف شخصياته أكثر مما يجب من القوة ومن دقة التصميم، وكثيرا ما كان يعجز عن أن يبلغ الشكل المصقول الحد الذي يعلى من قدر أبواب جبرتين. ولكن أخطاءه كان مردها إلى الذي يعلى من قدر أبواب جبرتين. ولكن أخطاءه كان مردها إلى تصميمه على أن يعبر عن الحياة أكثر مما يعبر عن الجمال، وعن الخُلُق المعقد أو المزاج العقلي لا عن الجسم القوي الصحيح فحسب. كذلك ارتقى دوناتلو بفن النحت الملون وذلك بتوسيع مداه، فلم يجعله مقصوراً على الأغراض الدينية بل جعله يشمل كذلك الأغراض الدنيوية، وبما حبا به موضوعاته من تنويعه، وانفرادية، وقوة لم يسبق لها مثيل، وهو الذي أنشأ أول تمثال للفارس بقي إلينا من عهد النهضة، وتغلب في هذا العمل على مائة من الصعاب الفنية، ولم يتفوق عليه من المثالين غير واحد منهم، وحتى هذا التفوق كان مرده إلى أن صاحبه قد ورث ما تعلمه دوناتلو، وأبدعه، وعلمه غيره. ذلك هو برتلدو Bertolda تلميذ دوناتلو ومعلم ميكل أنجيلو.
٣ - لوكادلاَّ ربيا
إن الصورة التي ترتسم في عقولنا، حين نقرأ ترجمتي فاساري لحياة جبرتي ودوناتلو، لتظهر مشغل المثال في عصر النهضة في صورة مشروع تعاوني تعمل فيه كثير من الأيدي، ويوجه عقل واحد، ولكنه ينقل الفن يوماً بعد يوم من الأستاذ إلى الطلاب المتعلمين جيلا بعد جيل. وتخرج من المشاغل مثالون صغار خلفوا في التاريخ أسماء لا تضارع في شهرتها أسماء أساتذتهم الكبار، ولكنها ساعدت بالحد الذي وصلت إليه على أن تشكل الجمال الزائل في صورة خالدة. ومن هؤلاء المثالين الصغار ناني دي بانكو Nanni di Banco الذي ورث ثروة كبيرة، أمكنته من أن يصبح إنساناً عديم القيمة، ولكنه أحب النحت ودوناتلو، وتتلمذ عليه وكان وفيا له