والآن فلنرسم لأنفسنا صورة من هذه الدولة المعقدة النظام بعد أن قضت خمسة قرون تنمو وتتطور. وقبل أن نفصل القول في نظامها نقول إن العالم كله مجمع على أن حكومتها كانت من أقدر ما شهده من الحكومات ومن أعظمها نجاحًا؛ بل إن بولبيوس Polilbius كان يرى أنها تكاد أن تحقق تحقيقًا تامًا دستور أرسطو طاليس المثالي. وقد رسمت هذه الحكومة الخطوط الرئيسية للتاريخ الروماني كما رسمت في بعض الأحيان ميادين القتال في هذا التاريخ.
نرى أي الأهلين في هذه الدولة هم الذين كان يحق لهم أن يسموا أنفسهم "مواطنين"؟. فأما من الوجهة الرسمية القانونية فقد كان المواطنون هم أبناء إحدى القبائل الثلاث الأصلية في رومه، أو الذين تبنتهم إحدى هذه القبائل. وكان معنى هذا القول من الوجهة العملية أن المواطنين هم جميع الذكور الذين تزيد سنهم على الخامسة عشرة، والذين لم يكونوا أرقاء أو غرباء، مضافًا إليهم جميع الغرباء الذين منحتهم رومه حق المواطنة فيها. ولم يشهد العالم قبل رومه أو بعدها دولة من الدول حرصت مثل حرصها على حق المواطنية أو قدرته مثل تقديرها. لقد كان معنى هذا الحق أن يكون المستمع به عضوًا من أعضاء الجماعة الصغيرة التي لم تلبث إلا قليلاً حتى حكمت جميع البلاد المحيطة بالبحر الأبيض المتوسط، وكان هذا الحق يحصن صاحبه من التعذيب القانوني، والتعرض للقسر والإرغام، ويمكنه