لم تكن الحروب التي اندلع لهيبها لغزو إيطاليا قد خبت نارها بعد ولكنها قد غيرت وجه إيطاليا وطبيعة أهلها، فالأقاليم الشمالية قد خربت تخريباً جعل مبعوثي هنري الثامن يشيرون عليه بأن يتركها لشارل عقاباً له على ما فعل بها. ونهبت جنوي، وفرضت على ميلان ضرائب فادحة قاتلة، وأخضع حلف كمبريه مدينة البندقية، كما أضعفها وأذلها فتح الطرق التجارية الجديدة، وقاست روما، وبراتو، وبافيا الأمرين من جراء السلب والنهب؛ وانتشرت المجاعة في فلورنس واستنزفت مواردها المالية، وكادت بيزا تدمر نفسها في كفاحها لنيل حريتها، وأما سينا فقد أنهكتها الثورات، كما أفقرت فيرارا نفسها في نزاعها الطويل مع البابوات، وأتت بما يغض من كرامتها بتحريضها على الغزو المستهين لروما. وحل بمملكة نابلي ما حل بلمباردي من سلب ونهب وتخريب على أيدي الجيوش الأجنبية، وذوى غصنها الرطيب زمناً طويلاً كانت فيه خاضعة للأسر الحاكمة الأجنبية، وصقلية؛ وما أدراك ما صقلية؟ لقد أضحت معششاً لقطاع الطرق، وكانت السلوى الوحيدة