كان جده الأعلى عمدة لبلدة في سكسونيا، وظل جده أربعة وعشرين عاماً عمدة على كامينتس، وكتب دفاعاً عن التسامح الديني؛ وكان أبوه الراعي اللوثري الأول في كامينتس، وكتب دروساً في تعليم العقيدة بالسؤال والجواب حفظها ليسنج عن ظهر قلب. أما أمه فكانت ابنة الواعظ الذي تقلد أبوه من قبل منصب الراعي لكنيسته. وكان تصرفاً طبيعياً منها أن تنذره للقسوسية، وطبيعياً منه بعد أن أتخم بالتقوى أن يتمرد.
وكان تعليمه المبكر في البيت وفي مدرسة ثانوية بمدينة مايسين مزيجاً من التأديب الألماني والآداب الكلاسيكية، ومن اللاهوت اللثوري والكوميديا اللاتينية. يقول "كان تيوفراستوس، وبلاوتوس، وترينس، عالمي الذي درسته بابتهاج"(٦٢)، وحين بلغ السابعة عشرة بعث إلى ليبزج على منحة دراسية. فوجد المدينة أكثر إثارة للاهتمام من الجامعة؛ وانغمس في بعض حماقات الشباب، وعشق المسرح ووقع في غرام إحدى الممثلات، وسمح له بالدخول وراء الكواليس، وتعلم وسائل تقوية التأثير المسرحي. وفي التاسعة عشرة كتب تمثيلية، ووفق في جهوده فأخرجت. فلما سمعت الأم بنبأ هذه الخطيئة بكت، واستدعاه الأب إلى البيت غاضباً. ولكنه سرى عنهما بابتسامة، وأقنعهما بسداد ديونه. وحين وقعت أخته على قصائده وجدتها بذيئة إلى حد مذهل وأحرقتها؛ فرمى ثلجاً في صدرها ليخفف من حماستها. ثم أعيد إلى ليبزج ليدرس الفلسفة ويصبح أستاذاً، ولكنه وجد الفلسفة قاتلة، واقترض ديوناً عجز عن الوفاء بها، ثم هرب إلى برلين (١٧٤٨).
هناك عاش حياة الأديب الذي يلتقط رزقه يوماً بيوم-يراجع الكتب، ويترجم، ويشترك مع كريستلوب ميليوس في تحرير مجلة مسرحية لم تعمر. وما أن بلغ التاسعة عشرة حتى أصبح مدمناً للتفكير الحر. فقرأ سبينوزا ووجده برغم هندسته لا يقاوم. وألف مسرحية (١٧٤٩) عنوانها