لقد أعجب نابليون بجمال المدينة المهجورة إذ أخبر لاكاس Las Cases: " إنها من كل الزوايا يمكن مقارنتها بأي عاصمة أوروبية بل إنها تفوق في جمالها معظم هذه العواصم". إنها أضخم مدن روسيا. إنها المدينة المقدسة أو العاصمة الروحية للروس، وبها ٣٤٠ كنيسة تزين السماء بقبابها الكبيرة. وقد نجت معظم هذه الكنائس من الحريق لأنها كانت مشيّدة بالحجارة، أما المساكن فكان معظمها من الخشب. لقد دمرت النيران ١١،٠٠٠ منزل كان بعضها (٦،٠٠٠ منزل) من مواد مقاومة للنيران.
وقد شاهد الفرنسيون الداخلون للمدينة بعض هذه النيران فهرعوا لإطفائها، لكن نيراناً أخرى سرعان ما كانت تشتعل، وانتشرت النيران بسرعة حتى أحالت ليل ١٦ سبتمبر إلى نهار ونبهت النيران خدم نابليون الذين كانوا يحرسونه في أثناء نومه، فأيقظوه، فأمر فرقة الإطفاء في جيشه بالعمل على إخمادها ثم عاد إلى سريره، وفي صباح ١٦ سبتمبر طلب يوجين مورا من نابليون مغادرة المدينة مخافة أن تُشعل إحدى شرارات الحريق مخازن البارود التي أقامها الجيش في الكرملين Kremlin فقاوم طلبهم كثيرا، لكنه رضخ أخيراً وركب معهم خارجاً من المدينة تتبعه عربات محملة بالسجلات والمواد. وخمدت النيران في ١٨ سبتمبر بعد أن دمرت ثلثي موسكو، فعاد نابليون إلى الكرملين.
من كان مسئولاً عن هذا الحريق؟ لقد كانت سلطات المدينة قبل مغادرتها قد أطلقت سراح المسجونين وقد يكون هؤلاء هم الذين أشعلوا النيران في المدينة في أثناء نهبهم لها، وربما كان بعض الفرنسيين غير مبالين في أثناء السلب والنهب مثلهم مثل السجناء المطلق سراحهم والسابق ذكرهم، فتسببوا هم أيضاً في إحداث حرائق. ووصلت تقارير كثيرة لنابليون في ١٦ سبتمبر تُفيد أن حملة مشاعل كانوا منتشرين في موسكو وكانوا يُشعلون النار عمداً، فأمر بأن من يُقبض عليه من هؤلاء المحرقين عمداً لابد من إطلاق النار عليه أو شنقه، وتم تنفيذ هذه الأوامر بالفعل. وتم القبض على أحد هؤلاء المحرقين - وكان رجلاً من الشرطة الحربية الروسية - وهو يشعل النيران في برج الكرملين فدافع عن نفسه بأنه كان ينفّذ الأوامر، فتم تحويله لمقابلة نابليون، وتم بعد ذلك قتله في الساحة. ودافع عدد