وكان الناس يتمشون الهوينا في الحدائق العمة-التي لقيت النظافة والتشذيب وحفلت بالتماثيل-أو يتبعون أطفالهم أو كلابهم، والفتيان الطائشون المرحون يطاردون الصبايا البارعون في التراجع عديم الجدوى. وأغلب الظن أن حدائق التويلري كانت يومها أبدع منها الآن فلنستمع إلى وصف مدام فيجيه-لوبرون:
"كانت دار الأوبرا قريبة في تلك الأيام؛ على حافة الباليه-رويال. وكان التمثيل في الصيف ينتهي في الثامنة والنصف؛ فيخرج علية القوم حتى قبل النهاية للتمشي في أرجاء الحديقة. وراج بين النساء أن يحملن طاقات زهر كبيرة كانت هي والبودرة المعطرة التي في شعرهن تملأ الجو عبيراً بكل معنى الكلمة. وأنا أعلم أن هذه الاجتماعات كانت قبل الثورة تمضي حتى الثانية صباحاً ثم كانت هناك حفلات موسيقية على ضوء القمر في الهواء الطلق .... وكان يحتشد في المكان جمع كبير على الدوام (١٩) ".
[٢ - الموسيقى]
اتخذت فرنسا من الموسيقى جزءاً من "مرحها الباريسي" فهي لم تعبأ بمنافسة ألمانيا في القداسات والكورالات الجادة، وقد تجاهلت موتسارت تقريباً حين وفد على باريس، ولكنها نسيت التعصب لوطنيتها حين افتتنت آذانها بالألحان الإيطالية. وجعلت من موسيقاها "مهرجانات ترفيه"، وتخصصت في ألوان تناسب الرقص أو تذكر به-كالكورانت، والسربنده، والجيج، والجافوت، والمنويت. وكانت المرأة المحور الذي تدور حوله الموسيقى كما دارت أخلاقها، وعادتها، وفنونها، وكثيراً ما اتخذت أسماء تذكر بصورتها-كالساحرة، والساذجة، وميمي وكاروين دستير.
وأحب القوم الأوبرا التهريجية في فرنسا، كما أحبوها في إيطاليا، أكثر من الأوبرا الجادة قبل أن يأتي جلوك (١٧٧٣). وكانت فرقة سميث نفسها الأوبرا كوميك قد استقرت في باريس عام ١٧١٤؛ وفي ١٧٦٢