للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الفصل الرابع

[الأسرة]

وظيفتها في المدنية - موازنة القبيلة والأسرة - نمو العناية الأبوية -

عدم أهمية الوالد - انفصال الجنسين - حق الأمومة - منزلة المرأة-

وظائفها - أعمالها الاقتصادية - الأسرة الأبوية - إخضاع المرأة

لما كانت الحاجات الأساسية للإنسان هي الجوع والحب، كانت الوظائف الرئيسية للتنظيم الاجتماعي هي تهيئة الموارد الاقتصادية ودوام البقاء من الوجهة البيولوجية؛ فاتصال النسل في سلسلة من الأبناء حيوي كاتصال الطعام؛ لهذا ترى المجتمع يضيف دائماً إلى الأنظمة الاجتماعية التي من شأنها أن تهيئ الراحة المادية والنظام السياسي، أنظمة أخرى من شأنها أن تديم بقاء الإنسان في نسله؛ ولقد لبثت القبيلة - حتى قيام الدولة قُرب بداية المدنية التاريخية بحيث أصبحت للنظام الاجتماعي مركزاً رئيسياً دائماً - لبثت القبيلة حتى ذلك العهد تتولى هذه المهمة الدقيقة، مهمة تنظيم العلاقة بين الجنسين وبين الأجيال المتعاقبة، بل أنه حتى قيام الدولة، ظلت مقاليد حكومة الإنسان مستقرة في تلك الجماعة التي هي أعمق الأنظمة التاريخية جذوراً - وهي الأسرة، إنه لبعيد الاحتمال أن يكون الإنسان الأول قد عاش في أسرات متفرقة، حتى في مرحلة الصيد؛ لأن ضعف الإنسان في أعضائه الفسيولوجية التي يدافع بها عن نفسه، كان قمينا أن يجعل منه فريسة للكواسر التي لم تزل تجوس في مناكب الأرض؛ فالعادة في الطبيعة أنه إذا ما كان الكائن العضوي ضعيف الإعداد للدفاع عن نفسه وهو فرد، لجأ إلى الاعتصام بأفراد من نوعه، لتعيش الأفراد جماعة تستعين بالتعاون على البقاء في عالم تمتلئ جنباته بالأنياب والمخالب والجلود التي يستحيل ثَقِبها، وأغلب الظن أن