أحداً لأستفسر عمن تنعى النواقيس، إنها تنعاني أنا (٦٢)". وفي أول يوم جمعة من الصوم الكبير ١٦٣١، نهض من فراش مرضه ليلقي العظة التي بادر الناس فقالوا إنها عظة جنازته هو، وكان معاونوه قد حاولوا أن يثنوه عن الكلام، ولما رأوا (كما قال صديقه المخلص ايزك والتون) أن علته قد اشتدت حتى تركته مجرد جلد على عظم (٦٣) "، وما أن انتهى من إلقاء موعظته التي كان فيها فصيحاً في التعبير عن الإيمان بالبعث، "مبتهجاً أشد الابتهاج لأن الله أعانه على القيام بهذا الواجب المرغوب فيه، حتى أسرع إلى بيته الذي لم يغادره … إلا محمولاً على أيدي رجاله الأتقياء إلى قبره (٦٤) ". ووافاه الأجل (٣١ مارس ١٦٣١) بين ذراعي أمه التي كانت قد احتملت صابرة آثامه، كما استمعت في حنان وعطف إلى عظاته.
لقد كانت حياة حافلة متوترة، انتظمت كل العواطف من شهوة الحب، وشك وانحلال، واختتمت في عزاء دافئ، هو عزاء الإيمان القديم. إننا نحن أبناء اليوم الذين يسارع إلينا النعاس حين نقرأ سبنسر، لنجد أنفسنا، وقد هزها من سباتها هذا الواقعي الخيالي على نحو عجيب، هذا الروح الوسيط معاً، عند قراءة كل صفحة من صفحاته تقريباً. إن شعره خشن، ولكنه هكذا أراده. إنه نبذ اللطائف المتكلفة في حديث الإليزابثيين واستطاب الألفاظ التي لن تبل جدتها، وبحور الشعر الأخاذة. وأحب الأنغام الناشزة المتنافرة التي يستطيع تحويلها إلى أنغام متناسقة لم تألفها الأذن. ولم يكن ثمة شيء مبتذل في شعره بعد أن تخرج في المواخير. إن هذا الرجل الذي صقل الفحش، كما صقله كاتوللوس من قبل، اكتسب من رقة الشعور والفكر، ومن أصالة في العبارة والعاطفة، ما لم يضارعه فيه شاعر آخر في ذلك العصر، الهم إلا شكسبير نفسه.
[٧ - جيمس يثير العاصفة]
١٦١٥ - ١٦٢٥
إن الحب والدبلوماسية رفيقان شيمتهما الخيانة والغدر. ففي ١٦١٥ أحب الملك جيمس، بأسلوبه الرقيق ذي الوجهين، جورج فليير Villiers، الشاب الوسيم الجريء الثري، ذا الثلاثة والعشرين ربيعاً، فخلع عليه لقب ارل، ثم مركيز ثم