للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الفصل الثاني

[صيف هندي]

تتمثل في أفلوطرخس حركتان قامتا في عصره أولاهما العودة إلى الدين، وثانيتهما انتهاء النهضة اليونانية في الآداب والفلسفة. وعمت الحركة الأولى جميع بلاد اليونان، أما الثانية فكانت مقصورة على أثينة والشرق اليوناني. وازدهرت في هذه الأثناء ست مُدن من مدائن البلوبونيز، ولكنها لم تمد التفكير اليوناني إلا بالقليل: وهذه المُدن هي مدينة باتري Patrae التي ظلّت حية منتعشة خلال العصر الروماني والعصور الوسطى إلى أيامنا هذه بفضل التجارة الغربية وصناعة النسيج النشيطة. ومنها أولمبيا التي أَثرَت من أموال السيّاح الوافد غليها لزيارة تمثال زيوس الذي صنعه فدياس أو لمشاهدة الألعاب الأولمبية. ومن أكثر حوادث التاريخ اليونانية طرافة أن هذه المباريات التي كانت تقام مرّة كل أربع سنين، قد ظلّلت تقام من عام ٧٧٦ ق. م حتى عام ٣٩٤ م حين منعها ثيودوسيوس Theodosius. كذلك ظلّ الفلاسفة والمؤرخون يفدون إليها كما كانوا يفدون في أيام برودكس وهيرودوت ليخطبوا في الجماهير المحتشدة لمشاهدة حفلات الألعاب. ويصف ديوكريسستم المؤلفين وهم يقرؤون "مؤلفاتهم السخيفة" للمستمعين العابرين والشعراء وهم ينشدون أشعارهم، والخطباء يمثلون الهواء بصخبهم والسوفسطائيين الكثيري العدد كأنهم طواويس تزهو بنفسها، وقد جاءوا لينفخوا ريحهم على الجماهير (١٢). وقد برهن ديوكريسستم بقوله هذا على أنه ليس أكثر صمتاً من سائر القادمين. ويصور إبكنتس النظارة وقد غصّت بهم المواقف غير المظللة وهم يتصببون عرقاً وتلفحهم الشمس أو يغرقهم المطر، ولكنهم لا يعبئون بهذا ولا ذاك في غمرة من الضجيج والعجيج التي كان ينتهي بها كل دور في اللعب